وتوفي سنة خمس وخمسين وخمس مائة ، وكان من آخر كلامه أن قال له ولده إسماعيل : هذا وقت لقائك لله ، فبما ذا توصينا؟ فقال : اغسلوا كلّما وقع إليكم من كلامي في الأصول ، ولا تعهدوا إلا على كتاب الله وما صحّ عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثم تولّينّ قوله : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) [سورة الفاتحة ، الآية : ٤] مشاهدة ، ثم ما زال يكرّر قوله : الله ، الله ، حتى لم نبق نسمع منه ثم طفئ.
قال ولده إسماعيل (١) :
كان [أبي](٢) في كل يوم وليلة من مرضه يقول : الله الله قريبا من خمسة عشر ألف مرّة ؛ وفي يوم وفاته أدنى السّبحة وهو يقول : الله الله قريبا من خمس مائة مرّة ، رحمهالله.
[قال ابن شافع : كان له في علم العربية والأصول حظ وافر ، وصنف في فنون العلم نحوا من مائة مصنف ، ولم يضيع شيئا من عمره ، وكان يخضب بالحناء ، ويعتم ملتحيا دائما ، حكيت لي عنه جهات صحيحة غير كرامة منها رؤيته للخضر.
قال علي بن عبد الملك : زاد الزبيدي في أسماء الله أسامي : الزارع ، والمتمم ، والمبهم ، والمظهر](٣).
[كانت له معرفة بالنحو واللغة والأدب ، صحب الوزير ابن هبيرة مدة وقرأ عليه ، وكان صبورا على الفقر لا يشكو حاله](٤).
[قال ابن الجوزي : (٥)
حدثني الوزير ابن هبيرة قال : جلست مع الزبيدي من بكرة إلى قريب الظهر ، وهو يلوك شيئا في فمه ، فسألته فقال : لم يكن عندي شيء فأخذت نواة وجعلتها في فمي أتعلل بها.
وكان يقول : قل الحق وإن كان مرّا. لا تأخذه في الله لومة لائم. ودخل على الوزير الزينبي وعليه خلعة الوزارة والناس يهنونه فقال : هذا يوم عزاء لا هناء ، فقيل : لم؟ فقال : أيهنّأ على لبس الحرير؟]
__________________
(١) الخبر رواه الذهبي في سير الأعلام ٢٠ / ٣١٨ نقلا عن ابن عساكر.
(٢) زيادة للإيضاح عن سير الأعلام.
(٣) زيادة عن سير الأعلام ٢٠ / ٣١٧ ـ ٣١٨.
(٤) ما بين معكوفتين زيادة عن معجم الأدباء ١٩ / ١٠٧.
(٥) انظر المنتظم لابن الجوزي ١٠ / ١٩٨ ومعجم الأدباء ١٩ / ١٠٧ وسير الأعلام ٢٠ / ٣١٧.