غزوه ، فإن رجع كان مفلولا خائبا ، لأنه خرج في وقت نحس ، فكان من فتحه العظيم ما لم يخف ، حتى وصف ذلك أبو تمام الطّائي في قوله (١) :
أين الرّواية أم (٢) أين النّجوم وما |
|
صاغوه من زخرف فيها ومن كذب |
تخرّصا (٣) وأحاديثا ملفّقة |
|
ليست بنبع إذا عدّت ولا غرب |
عجائبا زعموا الأيّام مجفلة |
|
عنهنّ في صفر الأصفار أو رجب |
وخوّفوا النّاس من دهياء مظلمة |
|
إذا بدا الكوكب الغربيّ ذو الذّنب |
وصيّروا الأبرج العليا مرتّبة |
|
ما كان منقلبا أو غير منقلب |
يقضون بالأمر عنها وهي غافلة |
|
ما دار في فلك منها وفي قطب |
لو بيّنت قطّ أمرا قبل موقعة |
|
ما حلّ (٤) ما حلّ بالأوثان والصّلب |
قال يحيى بن معاذ (٥) :
كنت أنا ويحيى بن أكثم نسير مع المعتصم ، وهو يريد بلاد الرّوم ؛ قال : فمررنا براهب في صومعته فوقفنا عليه فقلنا : أيّها الرّاهب ، أترى هذا الملك يدخل عمّورية؟ فقال : لا ، إنما يدخلها ملك أكثر أصحابه أولاد زنى ؛ قال : فأتينا المعتصم فأخبرناه ، فقال : أنا والله صاحبها ، أكثر جندي أولاد زنى ، إنما هم أتراك وأعاجم.
وكان المعتصم يقول :
إذا لم يعدّ الوالي للأمور أقرانها قبل نزولها أطبقت عليه ظلم الجهالة عند حلولها.
قال ابن أبي داود (٦)(٧) :
__________________
(١) الأبيات في ديوان أبي تمام ١٨ / ١٩ من قصيدة طويلة يمدح المعتصم ويذكر فتح عمورية ، ومطلعها :
السيف أصدق إنباء من الكتب |
|
في حدّه الحدّ بين الجد واللعب |
(٢) في الديوان : بل.
(٣) أي كذبا ، والتخرص : التكذب وافتراء القول.
(٤) في الديوان : لم يخف ما حل.
(٥) الخبر رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ٣ / ٣٤٤ من طريق عبيد الله بن أبي الفتح حدثنا أحمد بن إبراهيم حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرفة حدثني عبد العزيز بن سليمان بن يحيى بن معاذ عن أبيه ، قال : وذكر الخبر.
(كذا في تاريخ بغداد).
(٦) يعني أحمد بن أبي دؤاد القاضي ، أبو عبد الله الإيادي البصري ترجمته في سير أعلام النبلاء ١١ / ١٦٩.
(٧) الخبر رواه ابن كثير في البداية والنهاية ٧ / ٣٠٤ ـ ٣٠٥ وتاريخ الإسلام (٢٢١ ـ ٢٣٠) ص ٣٩٥ وسير الأعلام