قال : إنه بلغني أن الإنسان (١) ـ أراه قال ـ : ليس على شيء من جسده أشد حنقا أو غيظا يوم القيامة ـ لعله قال : منه ـ على لسانه إلا قال به خيرا أو أملى به خيرا.
قال وبرة المسلي (٢)(٣) : أوصى ابن عباس بكلمات ، لهن أحسن من الدّهم (٤) الموقوفة فقال لي : لا تكلّمن فيما لا يعنيك ، فإنه فضل ، ولا آمن عليك فيه الوزر ، ولا تكلّمن فيما يعنيك حتى ترى له موضعا ، فربّ متكلم بالحق قد تكلم بالحق في غير موضعه فعنت ، ولا تمارينّ سفيها ولا حليما ، فإن الحليم يقليك (٥) ، والسفيه يرديك (٦) ، ولا تذكرنّ أخاك إذا توارى عنك إلا بمثل الذي تحب أن يذكرك به إذا أنت تواريت عنه ، واعمل عمل رجل يعلم أنه مجزيّ بالإحسان ، مأخوذ بالإجرام. قال : فقال رجل عنده : يا أبا عباس ، هذه خير من عشرة آلاف. قال : فقال ابن عباس : كلمة واحدة منها خير من عشرة آلاف.
قال ابن عباس (٧) : لا يتم المعروف إلا بثلاثة : تعجيله ، وتصغيره عنده ، وستره ، فإنه إذا عجّله هيّأه (٨) ، وإذا صغّره عظّمه ، وإذا ستره فخّمه (٩)(١٠).
قال ابن عباس (١١) : أكرم الناس علي جليسي ، إن الذباب ليقع عليه فيؤذيني (١٢).
قيل لأن عباس (١٣) : من أكرم الناس عليك؟ قال : جليسي الذي يتخطى الناس حتى
__________________
(١) في الحلية : العبد.
(٢) هو وبرة بن عبد الرحمن المسلي ، أبو خزيمة الكوفي ، من بني مسلية بن عامر بن عمرو بن علة بن جلد بن مالك ابن أدد ترجمته في تهذيب الكمال ١٩ / ٣٦٩.
(٣) الخبر رواه البلاذري في أنساب الأشراف ٤ / ٥٩ ـ ٦٠ من طريق الوليد بن صالح عن الفياض بن محمد بن عمرو ابن عيسى أنه بلغه عن وبرة بن عبد الرحمن المسلي أنه قال ، وذكره وابن كثير في البداية والنهاية ٦ / ٦٤.
(٤) في البداية والنهاية : خير من الخيل الدهم.
(٥) في البداية والنهاية : يغلبك.
(٦) في أنساب الأشراف : «يؤذيك» وفي البداية والنهاية : «يزدريك».
(٧) الخبر رواه البلاذري في أنساب الأشراف ٤ / ٥٧ من طريق محمد بن حاتم الثغري عن حجاج بن محمد الأعور عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس ، وذكره ، وابن كثير في البداية والنهاية ٦ / ٦٤.
(٨) في أنساب الأشراف : هنّأته.
(٩) في أنساب الأشراف : إذا سترته أتممته.
(١٠) زيد في أنساب الأشراف : وإذا مطلته نكدته ونغصته.
(١١) رواه البلاذري في أنساب الأشراف من طريق عمرو بن محمد ، حدثنا أبو معاوية الضرير ، حدثني عمرو بن عثمان عن عبد الرحمن بن السائب عن ابن عباس.
(١٢) في أنساب الأشراف : «فيشق ذلك علي» بدلا من «فيؤذيني».
(١٣) رواه يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ ١ / ٥٣٤ من طريق عبد الرحمن بن هانئ النخعي قال : حدثنا عبد الله ابن المؤمل عن عبد الله بن أبي مليكة قال ، وذكره. وأنساب الأشراف ٤ / ٦٦ ورواه أبو بكر الخطيب في الفقيه والمتفقه ٢ / ١١١ والبداية والنهاية ٦ / ٦٤.