كنت عليه لم تدر أين قبلتك ، وما مكان طلعت فيه الشمس لم تطلع فيه قبل ولا بعد ، وعن المحو (١) الذي في القمر. فقال معاوية : من لهذه؟ فقيل له : ابن عباس. فكتب إلى ابن عباس ، فكتب إليه ابن عباس : أما المكان الذي إذا كنت فيه لم تدر أين قبلتك فإذا كنت على ظهر الكعبة. وأما المكان الذي طلعت فيه الشمس ولم تطلع فيه قبل ولا بعد فالبحر يوم انفلق لموسى (٢). وأما المحو الذي في القمر فإن الله عزوجل يقول : (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ) [سورة الإسراء ، الآية : ١٢] فهو آية الليل ، فكتب به معاوية إلى ابن هرقل. قال : فكتب إليه : ما هذا من كنزك ولا كنز أبيك ، ولا خرج هذا إلا من أهل بيت نبوة.
وعن ابن عباس قال (٣) : كتب قيصر إلى معاوية : أما بعد ، فأي كلمة أحب إلى الله والثانية والثالثة والرابعة والخامسة ، ومن أكرم عباد الله وإمائه عليه ، وأربعة أشياء فيهم الروح لم ترتكض في رحم ، وقبر سار بصاحبه ، ومكان لم تصبه الشمس إلا مرة واحدة ، والمجرة (٤) التي في السماء ما هي؟ وقوس قزح ما هو (٥)؟ فلما قرأ معاوية الكتاب قال لعبد الله (٦) : ما أدري ما هذا ، ما له إلا ابن عباس ، فأرسل إلى ابن عباس يسأله عن ذلك ، فقال : أحب كلمة إلى الله : لا إله إلا الله ، والثانية : سبحان الله ، والثالثة : الحمد ، والرابعة : الله أكبر ، والخامسة : لا حول ولا قوة إلا بالله. وأما أكرم عباد الله فآدم خلقه الله بيده وعلمه الأسماء كلها ، وأكرم إمائه عنده مريم التي أحصنت فرجها ، والرابعة (٧) التي فيها الروح لم ترتكض في رحم فآدم وحواء ، وعصا موسى ، وكبش إبراهيم ، والقبر الذي سار بصاحبه قبر يونس بن متى في بطن الحوت. والمكان الذي لم تصبه الشمس إلا مرة واحدة فالبحر فلقه
__________________
(١) المحو : السواد الذي في القمر ، كأن ذلك كان نيرا فمحي (انظر اللسان وتاج العروس : محا).
(٢) في حلية الأولياء ١ / ٣٢٠ المكان الذي انفرج عن البحر لبني إسرائيل.
(٣) الخبر رواه يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ ١ / ٥٣٠ من طريق المعلى بن أسد قال : حدثنا عبد الوارث عن علي بن زيد قال : حدثني يوسف بن مهران عن ابن عباس قال ، وذكره ، وانظر حلية الأولياء ١ / ٣٢٠.
(٤) في المعرفة والتاريخ : وبالمجرة ما موضعها من السماء.
(٥) المعرفة والتاريخ : ما بدء أمره.
(٦) كذا في مختصر ابن منظور : «لعبد الله» والجملة في المعرفة والتاريخ : فلما قرأ كتابه قال : الهم العنه ، وما يدريني ما هذا» وهذا أشبه باعتبار السياق التالي.
(٧) كذا ، وفي المعرفة والتاريخ : «والأربعة الذين فيهم الروح» وهو أشبه.