المؤرخين. فهل كان ذلك غفلة منهم عن حقيقة الحال؟! أم أن ارتباك الروايات جعلهم يقتصرون على ذكر المائتي ألف ، أو ما يزيد على ذلك بما لا يصل إلى هذه الأرقام العالية؟!
أم أن كثرة الأعداد ، أوجبت اختلاط الأمور عليهم؟!
إننا لا نستطيع أن نقدم أية إجابة حاسمة على هذا السؤال ، لكننا نقول :
لا شك في أن الجيوش المجتمعة كانت هائلة ، حتى مع الإعتراف بغياب القدرة على تقديم إحصاءات دقيقة عنها ..
وقد يكون سبب عزوف المؤرخين عن التصريح بأرقامها العالية هو استبعادهم أن يكون ذلك قد حصل فعلا. فاكتفوا بذكر ما يسع الناس تصديقه ، ولو بنحو من التكلف وادّعاء التسامح ، وتركوا ما عداه ..
واحتمال تكثير عدد الجيوش إلى هذا الحد الذي ربما يبدو خياليا هو إيجاد العذر لخالد عن هزيمته النكراء التي فوتت على الإسلام والمسلمين أعظم الإنجازات التي ربما لو تحققت لفتح الإسلام بلاد الروم بأسرها. ولكن ذلك وإن كان في محله إلا أن للمبررات حدودها المعقولة ، فلو لم يكن العدد هائلا بالفعل لم تصح ولم تقبل هذه المبالغة من أحد.
غير أن مما لا شك فيه أن النصر كان أكيدا مهما قلنا في عدد الجيوش ، وأن خالدا هو الذي ضيعه ، ويدل على ذلك هذا الموقف الصارم من المسلمين تجاه خالد وجميع من فر معه ، ولم يتدخل النبي «صلىاللهعليهوآله» للتخفيف عنهم ، لأنه رآهم يستحقون أكثر من ذلك ، ورأى أن للمسلمين الحق بأن يعاملوه بما هو أشد.