ونقول :
إننا نتعقل أن يأخذ مقطوع اليدين اللواء ببقايا يديه ، ويضمه إلى صدره ، ولكن لا يمكن أن نتصوره قادرا على قتال العدو بسيف أو برمح ، سوى مبادرته إلى ركل من يهاجمه بإحدى رجليه ، ليدفعه عن نفسه ، وليلحق به أكبر قدر ممكن من الأذى.
بل إن أخذه الراية بشماله ، بعد قطع يده اليمنى يجعله غير قادر على حمل السيف بها أيضا ، لأنها أصبحت مشغولة باللواء.
وهذا معناه : أنه «عليهالسلام» قد بذل محاولة لإبقاء الراية مرفوعة ليراها المسلمون ، ويواصلوا القتال أطول وقت ممكن ، لأنه يعلم : أن وقوع الراية على الأرض ، يوجب تضعضع الجيش ، وربما يؤدي ذلك إلى هزيمته ، وهذا ما لا يريده ولا يرضاه ..
الطيار أسوة وقدوة :
وغني عن البيان هنا : أن نفس هذا الذي جرى لجعفر بن أبي طالب «عليهالسلام» قد جرى ما يشبهه للعباس بن أمير المؤمنين «عليهماالسلام» في كربلاء ، فإن يمينه قطعت ، فأخذ السيف بيساره ، فقطعت ، فقاتل حتى ضعف ، فضربه ملعون بعمود من حديد على رأسه فقتله (١).
__________________
وديوان المبتدأ والخبر ج ٢ ق ٢ ص ١٤١ والخرائج والجرائح ج ١ ص ١٦٦.
(١) البحار ج ٤٥ ص ٤٠ و ٤١ وينابيع المودة ج ٣ ص ٦٨ والعوالم ص ٢٨٣ وعن المناقب لابن شهر آشوب ج ٣ ص ٢٥٦ ونور العين في مشهد الحسين ص ٤١ و ٤٢ وإبصار العين في أنصار الحسين ص ٦٢ والعوالم (الإمام الحسين «عليه