فهذه العبارة الأخيرة قد أفسحت المجال لكل قول يبين سجايا جعفر ومزاياه الفاضلة ، مهما كان نوع ومستوى ما يقال من تلك السجايا والمزايا. لأن كل ما يقال فيه من فضل ، فهو صدق وحق وعدل ..
وهذه المزايا إذا اجتمعت وتكاملت في أي كان من الناس ، فإنه يصبح مثلا أعلى ، وأسوة وقدوة ، يحس الناس كلهم بالحاجة إليه ، ويكون إلحاق الأذى به بمثابة التعدي عليهم ، وإلحاق الأذى بهم كلهم.
فلماذا إذن لا يبكون إذا فقد ، ولا يحنون إليه إذا غاب.
٢ ـ ومن جهة ثانية إن هذه الكلمة وكذا النصوص المصرحة ببكاء النبي «صلىاللهعليهوآله» على جعفر «عليهالسلام» ، وزيد بن حارثة «رحمهالله» ، قد جاءت لتؤكد على مشروعية البكاء على الميت ، بل على مطلوبيته بالنسبة لبعض من يموت أو يستشهد ، من الأتقياء الأبرار ، والعلماء الأخيار .. فلا يصح ما يزعمونه من المنع عن ذلك ، وقد أشرنا إلى هذه الحقيقة في أكثر من موضع من هذا الكتاب.
مدى حزن النبي صلىاللهعليهوآله على جعفر :
وإذا أردنا أن نتصور مدى حزن النبي «صلىاللهعليهوآله» على جعفر ، فعلينا أن نتذكر عودة جعفر من الحبشة ، فقد كان سرور النبي «صلىاللهعليهوآله» بقدومه منها يوازي سروره بفتح الله خيبرا على يد أخيه علي «عليهالسلام» ، أو يزيد عليه ..
__________________
البحرين ج ١ ص ٣١٧ ومنتهى المطلب (ط ق) ج ١ ص ٤٦٧ وتذكرة الفقهاء (ط ق) ج ١ ص ٥٥ و (ط ج) ج ٢ ص ١١٧.