رسول الله «صلىاللهعليهوآله».
وروى الواقدي أيضا عن عائشة : «أنا أطّلع من صير الباب فأسمع هذا» (١).
ونقول :
إنه يمكن قبول هذه الرواية ، إذا كان ذلك الرجل يريد أن يشتكي من أن بكاء النساء قد تجاوز الحدود المعقولة وصار يوجب إلحاق العناء بالناس ، كما صرحت به الرواية.
أو أنه صار كأنه يمثل نوعا من الاعتراض على الله سبحانه ..
أو أنه بلغ حدا من شأنه أن يضر بمعنويات المجتمع الإسلامي ، ويوهن من عزيمته ، ويحد من الإقبال على الجهاد في سبيل الله .. فلا بد من التصدي لهذه المبالغات لتعود الأمور إلى مجراها الطبيعي.
وهذه الاحتمالات معقولة ، ومقبولة ، وتنسجم مع سائر ما دل على جواز البكاء على الأموات.
غير أن في النص أمرا آخر ، لا بد من الوقوف عنده ، وهو أن عائشة تقول : إنها كانت تسمع هذا وهي تطّلع من صير الباب. حيث إننا لا نظن أن يرضى النبي «صلىاللهعليهوآله» بهذا العمل منها .. ولو أنه رآها تفعل ذلك ، أو أن أحدا ذكر له ذلك عنها لزجرها وأنبها ، وأعلن عن عدم رضاه
__________________
(١) المغازي للواقدي ج ٢ ص ٧٦٧ و ٧٦٨ وراجع : السيرة الحلبية ج ٣ ص ٦٨ والبداية والنهاية لابن كثير ج ٤ ص ٢٨٧ ومسند ابن راهويه ج ٢ ص ٤١٣ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٣ ص ٨٣٥ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٤٧٥.