ومثله (١) ما لو مات قبل وصوله إلى يده وإن كان بداره ، مع احتمال الاستحقاق هنا ، لأن المانع من قبل الله تعالى ، لا من قبل العامل ، ولو كان الجعل على إيصاله إلى البلد ، أو إلى منزل المالك استحق الجميع بالامتثال (٢) ، (ولا يستحق (٣) الأجرة إلا ببذل الجاعل (٤) أي استدعائه الرد ، سواء كان مع بذل
______________________________________________________
(١) أي ومثل الهرب.
(٢) ولو لم يصل إلى المالك.
(٣) المالك إما أن يعيّن الجعل ويصفه بما يرفع الجهالة كقوله : من رد عبدي فله دينار ، أو يطلق العوض مع التعرض لذكره كقوله : من ردّ عبدي فله مال ، أو يستدعي الرد ويطلبه من غير تعرض للأجرة كقوله : من يردّ عليّ عبدي منكم ، أو لا يستدعي الرد ولا يطلبه ويعمل العامل له مطلوبه بأن يردّ عليه ضالته أو يخيط له ثوبه وعلى الأول يلزم المالك ما عيّن عند تمام العمل ، إذ لم يفعله العامل بنية التبرع ، وهذا مما لا خلاف فيه ولا إشكال.
وعلى الثاني تلزم أجرة المثل على المالك ، إما لكون العقد فاسدا لاشتراط العلم بالعوض ولم يتحقق ، وإما لكون العقد صحيحا ومع ذلك وقع اتفاقهم أنه يثبت بالرد أجرة المثل إلا في موضع واحد ، وهو رد العبد الآبق فهل تثبت أجرة المثل أم يثبت دينار إذا كان الرد من مصره ، على خلاف سيأتي إن شاء الله تعالى.
وعلى الثالث ـ لو استدعى الرد ولم يعيّن أجرة أبدا ـ فعن العلامة في القواعد والإرشاد والتحرير والمحقق في الشرائع ، وهو ظاهر اللمعة أنه لا شيء للرادّ ، للأصل من براءة ذمة المالك من الأجرة عند الشك ، وطلبه للرد أعم من كونه بأجرة أو لا ، فلا يجب عليه شيء ، فالعامل هنا متبرع حيث أقدم على العمل من غير بذل.
وأشكل عليه بمنع كون العامل متبرعا ، إلا إذا قصد التبرع منضم ، ويثبت له أجرة المثل ، لأن عمله صدر بأمر من المالك ولعمله أجر بحسب العادة ، فيثبت له أجرة المثل ، لقاعدة احترام عمل المسلم.
وعلى الرابع لا شيء للعامل ، لأن المالك لم يأمر ولم يطلب الرد ، فيتعين التبرع على العامل لو عمل.
ومثله ما لو استدعى العمل مجانا كقوله : من ردّ عليّ عبدي وأجره على الله.
(٤) ظاهر المتن أنه لا أجرة للعامل إلا مع البذل ، فلو استدعى المالك مع عدم البذل كما في الصورة الثالثة فلا شيء للعامل.
إلا أن الشارح فسر البذل بالاستدعاء ، وهو تفسير على خلاف ظاهر البذل ليصحح مبنى المصنف.