السبق على ما يعم الرمي تبعا للنص (١) ، وتغليبا للاسم (٢) ، (لا بالمصارعة ، والسفن ، والطيور ، والعدو) (٣) ، ورفع الأحجار ، ورميها ، ونحو ذلك ، لدلالة الحديث السابق
______________________________________________________
(١) حيث ورد (لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل) كما في خبر حفص المتقدم (١) ، والمسابقة في الخف والحافر ، والنصل إذا أريد منه السهم فهو رمي ورماية.
(٢) أي لاسم السبق على الرمي.
(٣) لا تجوز المسابقة المشتملة على عوض وجعل بالطيور ، ولا بالقدم ، ولا بالسفن ولا بالمصارعة ولا بغير ذلك مما هو غير الخف والحافر والنصل ، بلا خلاف فيه ، ويدل عليه الأخبار المتقدمة الحاصرة لجواز المسابقة في الأمور الثلاثة ، والدالة على لعن الملائكة الرهان في غير الأمور الثلاثة ، وأنه قمار حرام كما في خبر العلاء بن سيابة المتقدم.
نعم عن بعض العامة جواز المسابقة بالجميع مع الرهن والعوض ، لأن الطيور مما يمكن الاحتياج إليها في الحرب بحمل الكتب واستعلام حال العدو ، وكذا المسابقة بالأقدام ، لأن الحرب على القدم متعارف كالحرب بالسفن ، فتصح المسابقة فيهما لما فيهما من الاستعداد للقتال ، وللنبوي المروي من طرق العامة (أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم سابق عائشة بالقدم مرتين ، سبق في إحداهما وسبق في الآخر ، وأنه صارع ثلاث مرات ، كل مرة على شاة ، فصرع خصمه في الثلاث وأخذ منه ثلاث شياه) (٢).
والخبر لم يثبت عندنا ، بل الظاهر ثبوت خلافه ، وهو الخبر المتقدم المفيد للحصر. ثم لو خلت هذه الأمور من العوض فهل يجوز السبق فيها أو لا على قولين ، فالمشهور على المنع ، لحرمة اللعب واللهو الشاملين لهذه الأمور ، وتمسكا بالأخبار السابقة الحاصرة لجواز السبق في الأمور الثلاثة ، ووجه الاستدلال بها أن لفظ السبق الوارد فيها إنما هو على قراءة السكون ، وهو نفي المسابقة ، ومع حصر المسابقة في الأمور الثلاثة فلازمه المنع من المسابقة في غيرها مع عوض أو بدونه.
وعن جماعة منهم الشارح الجواز ، لأن المشهور في قراءة السبق فتح الباء ، والسبق بفتح الباء هو بذل العوض ، فالأخبار الحاصرة في الأمور الثلاثة تنفي مشروعية بذل العوض في غير الأمور الثلاثة ، وأما المسابقة في غير الأمور الثلاثة من دون عوض على ما هي عليه من أصالة جواز عملها مضافا لما يترتب عليها من فوائد ، تفيد الاستعداد للقتال ، وبهذه الفوائد تخرج عن اللهو اللعب ، على أن مطلق اللعب واللهو ليس بحرام.
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب السبق والرماية حديث ١.
(٢) المغني لابن قدامة ج ١١ ص ١٢٧ ـ ١٢٩.