وفي كل شيء له آية |
|
تدل على أنه واحد |
قال معناه الزمخشري غير إنشاد الشعر ، (هُدىً) : تقدم الكلام على الهدى في قوله : (هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) (١) ، ونكره لأن المقصود هو المطلق ، ولم يسبق عهد فيه فيعرّف. والهدى. المذكور هنا : الكتب المنزلة ، أو الرسل ، أو البيان ، أو القدرة على الطاعة ، أو محمد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، أقوال. فمن تبع : الفاء مع ما دخلت عليه جواب لقوله : (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ). وقال السجاوندي : الجواب محذوف تقديره فاتبعوه ، انتهى. فكأنه على رأيه حذف لدلالة قوله بعده : (فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ). وتظافرت نصوص المفسرين والمعربين على أن : من ، في قوله : فمن تبع ، شرطية ، وأن جواب هذا الشرط هو قوله : (فَلا خَوْفٌ) ، فتكون الآية فيها شرطان. وحكي عن الكسائي أن قوله : (فَلا خَوْفٌ) جواب للشرطين جميعا ، وقد أتقنا مسألة اجتماع الشرطين في (كتاب التكميل) ، ولا يتعين عندي أن تكون من شرطية ، بل يجوز أن تكون موصولة ، بل يترجح ذلك لقوله في قسيمه : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا) (٢) ، فأتى به موصولا ، ويكون قوله : (فَلا خَوْفٌ) جملة في موضع الخبر. وأما دخول الفاء في الجملة الواقعة خبرا ، فإن الشروط المسوّغة لذلك موجودة هنا.
وفي قوله : (فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ) ، تنزيل الهدى منزلة الإمام المتبع المقتدى به ، فتكون حركات التابع وسكناته موافقة لمتبوعه ، وهو الهدى ، فحينئذ يذهب عنه الخوف والحزن. وفي إضافة الهدى إليه من تعظيم الهدى ما لا يكون فيه لو كان معرّفا بالألف واللام ، وإن كان سبيل مثل هذا أن يعود بالألف واللام نحو قوله : (إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ) (٣) ، والإضافة تؤدي معنى الألف واللام من التعريف ، ويزيد على ذلك بمزية التعظيم والتشريف. وقرأ الأعرج : هداي بسكون الياء ، وفيه الجمع بين ساكنين ، كقراءة من قرأ : ومحياي ، وذلك من إجراء الوصل مجرى الوقف. وقرأ عاصم الجحدري وعبد الله بن أبي إسحاق وعيسى بن أبي عمر : هديّ ، بقلب الألف ياء وإدغامها في ياء المتكلم ، إذ لم يمكن كسر ما قبل الياء ، لأنه حرف لا يقبل الحركة ، وهي لغة هذيل ، يقلبون ألف المقصور ياء ويدغمونها في ياء المتكلم ، وقال شاعرهم :
سبقوا هويّ وأعنقوا لهواهم |
|
فتخرموا ولكل قوم مصرع |
(فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) : قرأ الجمهور بالرفع والتنوين ، وقرأ الزهري وعيسى الثقفي
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ٢.
(٢) سورة البقرة : ٢ / ٢٩.
(٣) سورة المزمل : ٧٣ / ١٥ ـ ١٦.