صحب يصحب ، والأصحاب : جمع صاحب ، وجمع فاعل : على أفعال شاذ ، والصحبة والصحابة : أسماء جموع ، وكذا صحب على الأصح خلافا للأخفش ، وهي لمطلق الاقتران في زمان ما.
(فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها) : الهمزة : كما تقدم في أزل للتعدية ، والمعنى : جعلهما زلا بإغوائه وحملهما على أن زلّا وحصلا في الزلة ، هذا أصل همزة التعدية. وقد تأتي بمعنى جعل أسباب الفعل ، فلا يقع إذ ذاك الفعل. تقول : أضحكت زيدا فما ضحك وأبكيته فما بكى ، أي جعلت له أسباب الضحك وأسباب البقاء فما ترتب على ذلك ضحكه ولا بكاؤه ، والأصل هو الأول ، وقال الشاعر :
كميت يزل اللبد عن حال متنه |
|
كما زلت الصفواء بالمتنزل |
معناه : فيما يشرح الشراح ، يزل اللبد : يزلقه عن وسط ظهره ، وكذلك قوله : يزل الغلام الخف عن صهواته : أي يزلقه. وقيل أزلهما : أبعدهما. تقول : زل عن مرتبته ، وزل عني ذاك ، وزل من الشهر كذا : أي ذهب وسقط ، وهو قريب من المعنى الأول ، لأن الزلة هي سقوط في المعنى ، إذ فيها خروج فاعلها عن طريق الاستقامة ، وبعده عنها. فهذا جاء على الأصل من تعدية الهمزة. وقرأ الحسن وأبو رجاء وحمزة : فأزالهما ، ومعنى الإزالة : التنحية. وروي عن حمزة وأبي عبيدة إمالة فأزالهما. والشيطان : هو إبليس بلا خلاف هنا. وحكوا أن عبد الله قرأ ، فوسوس لهما الشيطان عنها ، وهذه القراءة مخالفة لسواد المصحف المجمع عليه ، فينبغي أن يجعل تفسيرا ، وكذا ما ورد عنه وعن غيره مما خالف سواد المصحف. وأكثر قراءات عبد الله إنما تنسب للشيعة. وقد قال بعض علمائنا : إنه صح عندنا بالتواتر قراءة عبد الله على غير ما ينقل عنه مما وافق السواد ، فتلك إنما هي آحاد ، وذلك على تقدير صحتها ، فلا تعارض ما ثبت بالتواتر.
وفي كيفية توصل إبليس إلى إغوائهما حتى أكلا من الشجرة أقاويل : قال ابن مسعود وابن عباس والجمهور : شافههما بدليل ، وقاسمهما ، قيل : فدخل إبليس الجنة على طريق الوسوسة ابتلاء لآدم وحواء ، وقيل : دخل في جوف الحية. وذكروا كيف كانت خلقة الحية وما صارت إليه ، وكيف كانت مكالمة إبليس لآدم. وقد قصها الله تعالى أحسن القصص وأصدقه في سورة الأعراف وغيرها. وقيل : لم يدخل إبليس الجنة ، بل كان يدنو من السماء فيكلمهما. وقيل : قام عند الباب فنادى. وقيل : لم يدخل الجنة بل كان ذلك بسلطانه الذي