ابن كثير وحمزة والكسائي : لا يعبدون ، بالياء. وقرأ الباقون : بالتاء من فوق. وقرأ أبيّ وابن مسعود : لا يعبدوا ، على النهي. فأما لا يعبدون فذكروا في إعرابه وجوها.
أحدها : أنه جملة منفية في موضع نصب على الحال من بني إسرائيل ، أي غير عابدين إلا الله أي موحدين الله ومفرديه بالعبادة ، وهو حال من المضاف إليه ، وهو لا يجوز على الصحيح. لا يقال إن المضاف إليه يمكن أن يكون معمولا في المعنى لميثاق ، إذ يحتمل أن يكون مصدرا ، أو حكمه حكم المصدر. وإذا كان كذلك ، جاز أن يكون المجرور بعده فاعلا في المعنى ، أو مفعولا لأن الذي يقدر فيه العمل هو ما انحل إلى حرف مصدري والفعل ، وهنا ليس المعنى على أن ينحل ، لذلك فلا يجوز الحكم على موضعه برفع ولا نصب ، لأنك لو قدرت أخذنا أن نواثق بني إسرائيل ، أو أن يواثقنا بنو إسرائيل ، لم يصح ، بل لو فرضنا كونه مصدرا حقيقة : لم يجز فيه ذلك. ألا ترى أنك لو قلت : أخذت علم زيد ، لم ينحل لحرف مصدري والفعل : لا يقال : أخذت أن يعلم زيد. فإذا لم يتقدر المصدر بحرف مصدري والفعل ، ولا كان من ضربا زيدا ، لم يعمل على خلاف في هذا الأخير ، ولذلك منع ابن الطراوة في ترجمة سيبويه هذا. باب علم ما الكلم من العربية : أن يتقدر المصدّر بحرف مصدري والفعل ، وردّ ذلك على من أجازه. وممن أجازه أن تكون الجملة حالا : المبرد وقطرب ، قالوا : ويجوز أن يكون حالا مقارنة ، وحالا مقدرة. الوجه الثاني : أن تكون الجملة جوابا لقسم محذوف دل عليه قوله : (أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ) ، أي استحلفناهم والله لا يعبدون ، ونسب هذا الوجه إلى سيبويه ، وأجازه الكسائي والفراء والمبرد. الوجه الثالث : أن تكون أن محذوفة ، وتكون أن وما بعدها محمولا على إضمار حرف جر ، التقدير : بأن لا تعبدوا إلا الله فحذف حرف الجر ، إذ حذفه مع أن ، وأن جائز مطرد ، إذ لم يلبس ، ثم حذف بعد ذلك ، أن ، فارتفع الفعل ، فصار لا تعبدون ، قاله الأخفش ، ونظيره من نثر العرب : مره يحفرها ، ومن نظمها قوله :
ألا أيهذا الزّاجري احضر الوغى
أصله : مره بأن يحفرها. وعن : أن أحضر الوغى ، فجرى فيه من العمل ما ذكرناه. وهذا النوع من إضمار أن في مثل هذا مختلف فيه ، فمن النحويين من منعه ، وعلى ذلك متأخر وأصحابنا. وذهب جماعة من النحويين إلى أنه يجوز حذفها في مثل هذا الموضع. ثم اختلفوا فقيل : يجب رفع الفعل إذ ذاك ، وهذا مذهب أبي الحسن. ومنهم من قال بنفي العمل ، وهو مذهب المبرد والكوفيين. والصحيح : قصر ما ورد من ذلك على السماع ، وما