بسم الله الرحمن الرحيم
قال الشيخ الإمام العالم العلامة ، البحر الفهامة ، المحقق المدقق ، حجة البلغاء ، وقدوة النحاة والأدباء ، الأستاذ أبو عبد الله محمد بن يوسف بن علي بن حيان الأندلسي الجياني ، رحمهالله تعالى ، وأمتع بعلومه المسلمين آمين.
الحمد لله ، مبدىء صور المعارف الربانية في مرايا العقول ، ومبرزها من محال الأفكار إلى محال المقول ، وحارسها بالقوتين الذاكرة للمنقول ، والمفكرة للمعقول ، ومفيض الخير عليها من نتيجة مقدمات الوجود ، السائر روح قدسه في بطون التهائم وظهور النجود ، المبرز في الاتصالات الإلهية والمواهب الربانية على كل موجود ، محمد ذي المقام المحمود ، والحوض المورود ، المبتعث بالحق الأبهج للأنام داعيا ، وبالطريق الأنهج إلى دار الإسلام مناديا ، الصادع بالحق ، الهادي للخلق ، المخصوص بالقرآن المبين ، والكتاب المستبين ، الذي هو أعظم المعجزات ، وأكبر الآيات البينات ، السائرة في الآفاق ، الباقي بقاء الأطواق في الأعناق ، الجديد على تقادم الأعصار ، اللذيذ على توالي التكرار ، الباسق في الإعجاز إلى الذروة العليا ، الجامع لمصالح الآخرة والدنيا ، الجالي بأنواره ظلم الإلحاد ، الحالي بجواهر معانيه طلي الأجياد ، صلى الله على من أنزل عليه ، وأهدى أرج تحية وأزكاها إليه ، وعلى آله المختصين بالزلفى لديه ، ورضي الله عن صحبه الذين نقلوا عنه كتاب الله أداء وعرضا ، وتلقوه من فيه جنيا وغضا ، وأدوه إلينا صريحا محضا.
وبعد ، فإن المعارف جمة ، وهي كلها مهمة ، وأهمها ما به الحياة الأبدية ، والسعادة السرمدية ، وذلك علم كتاب الله هو المقصود بالذات ، وغيره من العلوم له كالأدوات ، هو