اللفظ أن الله علم آدم الأسماء ولم يبين لنا أسماء مخصوصة ، بل دل قوله تعالى : (كُلَّها) على الشمول ، والحكمة حاصلة بتعليم الأسماء ، وإن لم تعلم مسمياتها. ويحتمل أن يريد بالأسماء المسميات ، فيكون من إطلاق اللفظ ويراد به مدلوله.
(ثُمَّ عَرَضَهُمْ) : ثم : حرف تراخ ، ومهلة علم آدم ثم أمهله من ذلك الوقت إلى أن قال : (أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ) ليتقرر ذلك في قلبه ويتحقق المعلوم ، ثم أخبره عما تحقق به واستيقنه. وأما الملائكة فقال لهم على وجه التعقيب دون مهلة (أَنْبِئُونِي) ، فلما لم يتقدم لهم تعريف لم يخبروا ، ولما تقدم لآدم التعليم أجاب وأخبر ونطق إظهارا لعنايته السابقة به سبحانه. عرضهم خلقهم وعرضهم عليهم ، قاله ابن مسعود ، أو صورهم لقلوب الملائكة ، أو عرضهم وهم كالذر ، أو عرض الأسماء ، قاله ابن عباس ، وفيه جمعها بلفظة هم. والظاهر أن ضمير النصب في عرضهم يعود على المسميات ، وظاهره أنه للعقلاء ، فيكون إذ ذاك المعنى بالأسماء أسماء العاقلين ، أو يكون فيهم غير العقلاء ، وغلب العقلاء. وقرأ أبي ثم عرضها. وقرأ عبد الله ثم عرضهن ، والضمير عائد على الأسماء ، فتكون هي المعروضة ، أو يكون التقدير مسمياتها ، فيكون المعروض المسميات لا الأسماء. (عَلَى الْمَلائِكَةِ) : ظاهره العموم ، فقيل : هو مراد ، وقيل : الملائكة الذين كانوا مع إبليس في الأرض. (فَقالَ) : الفاء : للتعقيب ، ولم يتخلل بين العرض والأمر مهلة بحيث يقع فيها تروّ أو فكر ، وذلك أجدر بعدم الإضافة. (أَنْبِئُونِي) : أمر تعجيز لا تكليف. وقرأ الأعمش : أنبوني ، بغير همز ، وقد استدل بقوله : أنبئوني على جواز تكليف ما لا يطاق ، وهو استدلال ضعيف ، لأنه على سبيل التبكيت ، ويدل عليه : (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ). (بِأَسْماءِ هؤُلاءِ) : ظاهره حضور أشخاص حالة العرض على الملائكة ، ومن قال : إن المعروض إنما هي أسماء فقط ، جعل الإشارة إلى أشخاص الأسماء وهي غائبة ، إذ قد حضر ما هو منها بسبب وذلك أسماؤها وكأنه قال لهم : في كل اسم لأي شخص هذا الاسم ، وهذا فيه بعد وتكلف وخروج عن الظاهر بغير داعية إلى ذلك.
(إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) : شرط جوابه محذوف تقديره فأنبئوني يدل عليه أنبئوني السابق ، ولا يكون انبئوني السابق هو الجواب ، هذا مذهب سيبويه وجمهور البصريين ، وخالف الكوفيون وأبو زيد وأبو العباس ، فزعموا أن جواب الشرط هو المتقدّم في نحو هذه المسألة ، هذا هو النقل المحقق ، وقد وهم المهدوي ، وتبعه ابن عطية ، فزعما أن جواب الشرط محذوف عند المبرد ، التقدير : فأنبئوني ، إلا إن كانا اطلعا على نقل آخر غريب عن