أبي الربيع في (كتاب التلخيص) من تأليفه : الظاهر من مذهب سيبويه أن النقل بالتضعيف سماع في المتعدي واللازم ، وفيما علمه أقوال : أسماء جميع المخلوقات ، قاله ابن عباس وابن جبير ومجاهد وقتادة ، أو اسم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة ، وعزى إلى ابن عباس ، وهو قريب من الأول ، أو جميع اللغات ، ثم كلم كل واحد من بنيه بلغة فتفرقوا في البلاد ، واختص كل فرقة بلغة أو كلمة واحدة تفرع منها جميع اللغات ، أو أسماء النجوم فقط ، قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة ، أو أسماء الملائكة فقط ، قاله الربيع بن خيثم ، أو أسماء ذريته ، قاله الربيع بن زيد ، أو أسماء ذريته والملائكة ، قاله الطبري واختاره ؛ أو أسماء الأجناس التي خلقها ، علما أن هذا اسمه فرس ، وهذا اسمه بعير ، وهذا اسمه كذا ، وهذا اسمه كذا ، وعلمه أحوالها وما يتعلق بها من المنافع الدينية والدنيوية ، واختاره الزمخشري ، أو أسماء ما خلق في الأرض ، قاله ابن قتيبة ، أو الأسماء بلغة ثم وقع الاصطلاح من ذريته في سواها ، أو علمه كل شيء حتى نحو سيبويه ، قاله أبو علي الفارسي ، أو أسماء الله عزوجل ، قاله الحكيم الترمذي ، أو أسماء من أسمائه المخزونة ، فعلم بها جميع الأسماء ، قاله الجريري ، أو التسميات. ومعنى هذا علمه أن يسمي الأشياء ، وليس المعنى علمه الأسماء ، لأن التسمية غير الاسم ، قاله الجمهور ، وحالة تعليمه تعالى آدم ، هل عرض عليه المسميات أو وصفها له ولم يعرضها عليه قولان : قال بعض من عاصرناه : المختار أسماء ذريته ، وعرفه العاصي والمطيع ليعرف الملائكة بأسمائهم وأفعالهم ردا عليهم قولهم : (أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها) ، الأسماء كلها يحتمل أسماء المسميات ، فحذف المضاف إليه لدلالة الأسماء عليه. قال الزمخشري : وعوض منه اللام كقوله : (وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً) (١) ، انتهى.
وقد تقدم لنا أن اللام عوض من الإضافة ليس مذهب البصريين ، ويحتمل أن يكون التقدير مسميات الأسماء ، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه ، ويترجح الأول ، وهو تعليق التعليم بالأسماء تعلق الأنباء به في قوله : (أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ) ، والآية التي بعدها ، ولم يقل : أنبئوني بهؤلاء ، ولا أنبئهم بهم. ويترجح الثاني بقوله ، ثم عرضهم إذا حمل على ظاهره ، لأن الأسماء لا تجمع كذلك ، فدل على عوده على المسميات نحو قوله تعالى : (أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشاهُ) (٢) ، التقدير : أو كذي ظلمات ، فعاد الضمير من يغشاه على ذي المحذوفة ، القائم مقامها في الإعراب ظلمات. والذي يدل عليه ظاهر
__________________
(١) سورة مريم : ١٩ / ٤.
(٢) سورة النور : ٢٤ / ٤٠.