فإنّ عدم دخوله في شراء هذا كدخوله في أنّه : لا يتعطّل أمر دولة الجور أو يتناقض ، بل رواجها بحاله. فأشار عليهالسلام بقوله : « إن لم يشتره اشتراه غيره » إلى أنّه لا مانع له من الشراء أو لا دخل له في دولة الجور بتقوية ولا غيره. فإن لم يشتره لم يتفاوت الحال بل يشتريه غيره.
ومنها : ما رواه أيضاً عن إسحاق بن عمّار قال :
« سألته عن الرجل يشتري من العامل وهو يظلم ؟! قال : يشتري منه ما لم يعلم أنّه ظُلِمَ فيه أحد ».
وهذا الحديث نقلته عن « المنتهى » هكذا ، وظني أنّه نقله من « التهذيب » (١). وبمعناه أحاديث كثيرة.
ومنها : ما رواه أيضاً في الصحيح عن هشام بن سالم عن أبي عبيدة عن أبي جعفر عليهالسلام قال :
« سألته عن الرجل يشتري من السلطان من إبل الصدَقة وغنمها وهو يعلم أنهم يأخذون منهم أكثر من الحقّ الذي يجب عليهم ، قال عليهالسلام : ما الإبل والغنم إلا مثل الحنطة والشعير وغير ذلك لا بأس به حتى تعرف الحرام بعينه. قلت له : فما ترى من أغنامنا ـ في متصدّق يجيئنا فيأخذ صدقات أغنامنا نقول بعناها ، فيبيعناها ، فما ترى في شرائها منه ؟ قال : إن كان أخذها وعزلها فلا بأس. قلت له : فما ترى في الحنطة والشعير ، يجيئنا القاسم فيقسم لنا حظّنا فيأخذ حنطة فيعزل بكيل ، فما ترى في شراء ذلك الطعام له ؟ فقال : إذا كان قد قبضه بكيل وأنتم حضور ، فلا بأس بشرائه منه بغير كيل » (٢).
ومنها : ما رواه الشيخ أيضاً بإسناده عن يحيى بن أبي العلا عن أبي عبدالله عليهالسلام عن أبيه :
__________________
(١) أنظر : حقل المكاسب / ص ٣٧٥ / ج ٦ / ح ١٠٩٣.
(٢) نفس المصدر / ص ٣٧٥ / ح ١٠٩٤.