أن يبني دوراً ولا منازل ولا مساجد وسقايات ، ولا غير ذلك من أنواع التصرّف الذي يتبع الملك. ومتى فعل شيئاً من ذلك كان التصرّف باطلاً ، وهو باق على الأصل ».
هذا كلامه رحمهالله بحروفه. وكلامه في النهاية قريب من ذلك ، وكذا كلام ابن إدريس في السرائر.
والذي وقفنا عليه من كلام المتأخّرين عن زمان الشيخ رحمهالله غير مخالف لشيء من ذلك. فهذا العلامة في كتابه منتهى المطلب وتذكرة الفقهاء والتحرير مصرح بذلك.
قال في « المنتهى » (١) : « قد بيّنا أنّ الأرض المأخوذة عنوة لا يختصّ بها الغانمون بل هي للمسلمين قاطبة إن كانت محياة وقت الفتح ، ولا يصحّ بيعها ولا هبتها ولا وقفها ، بل يصرف الإمام حاصلها في المصالح مثل : سد الثغور ومعونة الغزاة وبناء القناطر ، ويخرج منها أرزاق القضاة والولاة وصاحب الدين وغير ذلك من مصالح المسلمين ».
وقد تكرّر في كلامه نحو هذا : قبل وبعد ، وكذا قال في التذكرة والتحرير ، فلا حاجة إلى التطويل بايراد عبارته فيهما.
وقد روى الشيخ في التهذيب عن حماد بن عيسى ، قال :
« رواه بعض أصحابنا عن العبد الصالح أبي الحسن الأول عليهالسلام في حديث طويل ، أخذنا منه موضع الحاجة قال : « وليس لمن قاتل شيء من الأرضين وما غلبوا عليه إلا ما احتوى العسكر ». إلى أن قال :
« والأرض التي أخذت عنوة بخيل وركاب فهي موقوفة متروكة في يدي من يعمّرها ويحييها ، ويقوم عليها على صلح ما يصالحهم الوالي على قدر طاقتهم من
__________________
(١) أنظر : حقل الجهاد / ص ٩٢٦.