وحيال هذا لا يمكن حسم المشكلة ، كما هو واضح. فالعراق على سبيل المثال بالرغم من كونه موضع وفاق على فتحه عنوة ، وإلى أن أربعة مواضع منه قد صولح عليها فحسب ، إلا أن تحديد عامره وفرزه عن مواته لا يمكن أن نتثبت منه تاريخياً.
مضافاً إلى ذلك ، فإنّ فتحه ( وفقاً للمعيار الذي يميز بين المفتوح بإذن الإمام فيصبح لجميع المسلمين ، والمفتوح بغير إذنه فيصبح للإمام خاصّة ) يظلّ موضع خلاف أيضاً.
وأيّاً كان الأمر ، فإنّ الباحث يعنيه خارجاً عمّا لحظناه أن يقف على واحدة من وجهات النظر الفقهيّة المتّصلة بالأرض وخراجها وسائر الظواهر المرتبطة بهما ، متمثّلة في ما كتبه الفقيه المعروف ( الكركيّ = المحقّق الثاني ) في رسالته التي أسماها ب ( قاطعة اللجاج ... ) حيث يمكننا أن نلحظ من طبيعة عنوانها قضية التفاوت بين وجهات النظر التي حاول المؤلّف أن ( يقطع ) من خلالها بوجهة نظر تحسم الموقف ، عبْر تصوّراته التي طرحها في الكتاب المذكور. وفي مقدّمة ذلك :
اصطناع الفارق بين البيع في نطاق رقبة الأرض ، والبيع في نطاق الحقّ أو الآثار للمساحات المفتوحة عنوة ، أو ما يطلق عليها أحيانا بالأرض الخراجيّة مع ملاحظة أن أرض الصلح يطلق عليها نفس التسمية عند بعض الكتاب ( أيّ ملاحظة الخراج بمعنى الجزية ) ، كما أن بعضهم يطلق نفس التسمية لأراضي الدولة التي تؤجر ويضرب الخراج عليها ، بل مطلق ما يفرض من الضرائب حسب الاستخدام اللغوي لها.
المهمّ ، أن المؤلّف ( ومثله صفّ كبير من الفقهاء ) حسم الموقف في اصطناعه الفارق بين بيع ( الرقبة ) فيما لا يجوز ذلك ، وبين بيع ( الحقّ ) فيما يسمح به.
وفي تصوّرنا إنّ وجهة نظر المؤلّف صائبة في هذا الصدد ما دام الدليل الفقهيّ يُشعفنا في ذلك ، من نحو رواية أبي بردة ، « يشتري حقّه منها » فيما دلت بوضوح على جواز اشتراء الحقّ ، بملاحظة أنّ رقبة الأرض للمسلمين جميعاً ، وإلى أن عمارتها تكسب المشتري حقّاً ، ما دام قائماً بمراعاة ذلك ، وبضمنه تأدية الخراج.
ويبدو أنّ الأرض الخراجيّة كانت عصرئذ مقترنة بنمط من الهوان