سعد بن أبي وقّاص ، إنّك آمن بأمان الله على نفسك وأهلك ومالك ، وأهل بيتك ، وولدك ، لا تؤاخذ بحدث كان منك قديما ما سمعت وأطعت ولزمت رحلك وأهلك ومصرك ، فمن لقي عمر بن سعد من شرطة الله وشيعة آل محمّد صلىاللهعليهوسلم وغيرهم من الناس ، فلا يعرض له إلّا بخير ، شهد السائب بن مالك ، وأحمر بن شميط ، وعبد الله بن شداد ، وعبد الله بن كامل ، وجعل المختار على نفسه عهد الله وميثاقه ليفينّ لعمر بن سعد بما أعطاه (١) من الأمان إلّا أن يحدث حدثا ، شهد (٢) الله على نفسه ، وكفى بالله شهيدا.
قال : وكان أبو جعفر محمّد بن علي يقول : أمّا أمان المختار لعمر بن سعد إلّا أن يحدث حدثا ، فإنه كان يريد به إذا دخل (٣) الخلاء فأحدث.
قال : فلما جاءه العريان بهذا خرج من تحت ليلته حتى أتى حمّامه ؛ ثم قال في نفسه : أنزل داري ، فرجع فعبر الرّوحاء ، ثم أتى داره غدوة ، وقد أتى حمّامه ، فأخبر مولى له بما كان من أمانه وبما أريد منه ، فقال له مولاه : وأيّ حدث أعظم مما صنعت ، إنك تركت رحلك وأهلك ، وأقبلت إلى هاهنا ، ارجع إلى رحلك ، ولا تجعل للرجل عليك سبيلا ، فرجع إلى منزله ، فأتى المختار بانطلاقه فقال : كلّا إنّ في عنقه سلسلة سترده ، لو جهد أن ينطلق ما استطاع ، قال : وأصبح المختار فبعث إليه أبا عمرة ، وأمره أن يأتيه به ، فجاءه حتى دخل عليه ، فقال : أجب ، فقام عمر فعثر في جبّة له ، ويضربه أبو عمرة بسيفه ، فقتله ، وجاء برأسه في أسفل قبائه حتى وضعه بين يدي المختار ، فقال المختار لابنه حفص بن عمر بن سعد وهو جالس عنده : أتعرف هذا الرأس؟ فاسترجع وقال : نعم ، ولا خير في العيش بعده [قال له المختار : صدقت ، فإنك لا تعيش بعده](٤) فأمر به فقتل ، فإذا رأسه مع رأس أبيه ، ثم إنّ المختار قال : هذا بحسين ، وهذا بعلي بن حسين ـ رحمهماالله ـ ولا سواء ، والله لو قتلت ثلاثة أرباع قريش ما وفوا بأنملة من أنامله ، فقالت حميدة ابنة عمر بن سعد وهي تبكي أباها :
لو كان غير أخي قسيّ غيره (٥) |
|
أو غير ذي يمن وغير الأعجم |
__________________
(١) الأصل : أعطى ، والمثبت عن م و «ز».
(٢) في الطبري : وأشهد الله على نفسه.
(٣) بالأصل : «دخلا» والمثبت عن م ، و «ز» ، والطبري.
(٤) ما بين معكوفتين زيادة عن الطبري.
(٥) في الطبري : غرّه.