ليقتلنّ غدا رجلا (١) والله ما أحسبه يعني غيرك ، قال : فخرج حتى نزل حمّام عمر ، فقيل له : أترى هذا يخفى على المختار ، فرجع فدخل داره ، فلمّا كان من الغد غدوت فدخلت على المختار وجاء الهيثم بن الأسود فقعد ، قال : فجاء حفص بن عمر فقال للمختار : يقول لك أبو حفص أتفي لنا بالذي كان بيننا وبينك؟ قال : اجلس ، قال : فجلس ، ودعا المختار أبا عمرة ، فجاء رجل قصير يتخشخش (٢) في الحديد فسارّه ثم دعا رجلين ، فقالا : اذهبا معه ، قال : فذهب ، فو الله ما أحسبه بلغ دار عمر حتى جاء برأسه ، فقال حفص : إنّا لله وإنا إليه راجعون ، فقال المختار : اضرب عنقه ، وقال عمر : بالحسين وحفص بعلي بن الحسين ولا سواء.
قرأت على أبي الوفاء حفاظ بن الحسن ، عن عبد العزيز بن أحمد ، أنا عبد الوهّاب الميداني ، أنا أبو سليمان الربعي ، أنا عبد الله بن أحمد بن جعفر ، أنا محمّد بن جرير قال (٣) : قال هشام بن محمّد : قال أبو مخنف : حدّثني موسى بن عامر أبو الأشعر.
أنّ المختار قال ذات يوم وهو يحدّث جلساءه : لأقتلنّ غدا رجلا عظيم القدمين غائر العينين ، مشرف الحاجبين ، يسرّ قتله المؤمنين والملائكة المقربين ، قال : وكان الهيثم بن الأسود النّخعي عند المختار حين سمع هذه المقالة ، فوقع في نفسه أنّ الذي يريد عمر بن سعد بن أبي وقّاص ، فلمّا رجع إلى منزله دعا ابنه العريان فقال : الق ابن سعد الليلة فخبّره بكذا وكذا ، وقل له : خذ حذرك ، فإنه لا يريد غيرك ، قال : فأتاه فاستخلاه ، ثم خبّره الخبر (٤) ، فقال له ابن سعد : جزى الله بالإخاء أباك خيرا ، كيف يريد هذا بي بعد الذي أعطاني من العهود والمواثيق ، وكان المختار أوّل ما ظهر أحسن شيء سيرة وتألّفا للناس ، وكان عبد الله بن جعدة وقال له : إنّي لا آمن هذا الرجل ـ يعني المختار ـ فخذ لي منه أمانا ، ففعل ، وقال : فأنا رأيت أمانه وقرأته :
[وهو](٥) بسم الله الرّحمن الرحيم ، هذا أمان من المختار بن أبي عبيد لعمر بن
__________________
(١) أقحم بعدها بالأصل : «يرض قتله أهل السماء وأهل الأرض ، قال : وقد كان أعطى عمر» والمثبت يوافق م ، و «ز» ، والأسامي والكنى.
(٢) الخشخشة : حركة لها صوت كصوت السلاح (النهاية).
(٣) رواه الطبري في تاريخه ٦ / ٦٠ حوادث سنة ٦٦.
(٤) في الطبري : ثم حدثه الحديث.
(٥) زيادة عن الطبري.