بسم الله الرّحمن الرحيم.
هذا كتاب من الله ورسوله (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)(١).
عهد من محمّد رسول الله صلىاللهعليهوسلم لعمرو بن حزم حين بعثه إلى اليمن :
أمره بتقوى الله في أمره كله ، ف (إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ)(٢) وأمره أن يأخذ الحقّ ، كما أمره الله ، وأن يبشّر الناس بالخير ، ويأمرهم به ، ويعلّم الناس القرآن ويفقّههم فيه ، وينهى الناس ، فلا يمسّ أحد القرآن إلّا وهو طاهر ، ويخبر الناس بالذي لهم ، والذي عليهم ، ويلين لهم في الحقّ ، ويشتد عليهم في الظلم ، فإنّ الله كره الظلم ونهى عنه ، وقال : (أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ)(٣) ، وبشّر الناس بالجنّة ، ويعملها ، وينذر الناس النار وعملها ، أو يتآلف الناس حتى يفقّهوا في الدين ، ويعلّم الناس معالم الحجّ وسننه وفرائضه ، وما أمره الله به في الحج الأكبر ، والحج الأصغر : العمرة ـ وينهى الناس أن يصلي الرجل في الثوب الواحد صغيرا ، إلّا أن يكون واسعا فليخالف بين طرفيه على عاتقيه ، وينهى أن يحتبي الرجل في ثوب واحد ، ويفضي بفرجه إلى السماء ، ولا يعقص شعر رأسه إذا عفا في قفاه ، وينهى الناس إذا كان بينهم هيج أن يدعوا بدعوى القبائل والعشائر ، وليكن دعاؤهم [إلى](٤) الله وحده لا شريك له ، فمن لم يذع إلى الله ودعا إلى العشائر والقبائل فليقطفوا بالسيف حتى يكون دعاؤهم (٥) إلى الله وحده لا شريك له.
ويأمر الناس بإسباغ الوضوء وجوههم وأبدانهم إلى المرافق وأرجلهم إلى الكعبين ، وأن يمسحوا برءوسهم كما أمرهم الله ، وأمره بالصلاة لوقتها ، وإتمام الركوع (٦) والخشوع ، وأن يغلّس بالصّبح ، ويهجر بالهاجرة حين تميل الشمس ، وصلاة العصر والشمس في الأرض مدبرة ، والمغرب حين يقبل الليل ، ولا يؤخر حتى تبدو النجوم في السماء ، والعشاء أوّل الليل ، وأمره بالسعي إلى الجمعة إذا نودي بها ، والغسل عند الرواح إليها ، وأمره أن يأخذ من المغانم خمس الله ، وما كتب على المؤمنين في الصدقة من العقار فيما سقى البقل ، وفيما
__________________
(١) سورة المائدة ، الآية الأولى.
(٢) سورة النحل ، الآية : ١٢٨.
(٣) سورة هود ، الآية : ١٨.
(٤) الزيادة عن سيرة ابن هشام.
(٥) بالأصل : دعاهما.
(٦) في السيرة النبوية : واتمام الركوع والسجود والخشوع.