رجع إلى حديث الصعق :
فلما فقد الحرس ابن هبيرة وجّه خالد في أثره سعيد بن عمرو الحرشي ، وذاك أن ابن هبيرة عزل سعيدا عن خراسان ، فقدم به عليه واسطا فحبسه وعذّبه ، حتى قدم خالد ، فأكرمه ، فلم يقدر سعيد أن يلحقه ، فلم يزل في أثره حتى بلغ الشام ، وقد قدم ابن هبيرة واجتمع إليه قيس ، فقال : أشيروا عليّ من أستجير؟ فقيل له : أم حكيم بنت يحيى امرأة هشام ، فقال : امرأة ، لو اغتسلت رضيت.
فقالوا : عليك بأبي شاكر مسلمة مع ما بينك وبينه ، فإنّه لا يسلمك أبدا ، قال : نعم.
فتوجه إليه ومعه القيسية ، فلما رآهم مسلمة وسمع كلامهم انطلق إلى هشام فكلّمه فيه فأمّنه على أن يؤدي كل ما اختانه ، فأدّاه.
أخبرنا أبو محمّد بن حمزة ، نا أبو بكر الخطيب ، أنا أبو الحسن الحمّامي ، أنا أحمد بن سلمان ، نا أبو بكر بن أبي الدنيا ، حدّثني سليمان بن أبي شيخ قال : قال سليمان بن زياد لجأ موالي لعمر بن هبيرة ، فاكتروا دارا إلى جانب سور مدينة واسط ، فلمّا كانت الليلة التي أرادوا أن يخرجوه فيها من الحبس أفضوا (١) النقب إلى الحبس ، فخرج من الحبس في السّرب ، ثم خرج إلى الدار يمشي حتى بلغ الدار التي إلى جانب حائط المدينة ، وقد نقب فيها ، ثم خرج في السرب منها حتى خرج من المدينة ، وقد هيئت (٢) له خيل (٣) خلف حائط المدينة فركب ، وعلم به بعد ما أصبحوا وقد كان أظهر علة قبل ذلك ، لكن تمسكوا عن تفقده في كلّ وقت ، فأتبعه خالد سعيد الحرشي ، فلحقه وبينه وبينه الفرات ، فتعصب له فتركه ، وقال الفرزدق : (٤)
لما رأيت الأرض قد سدّ ظهرها |
|
ولم (٥) يك إلّا ظلها لك مخرجا |
دعوت الذي ناداه يونس بعد ما |
|
ثوى في ثلاث مظلمات ففرّجا |
خرجت ولم تمنن عليك شفاعة |
|
سوى ربك البرّ اللطيف المفرجا (٦) |
__________________
(١) إعجامها ناقص بالأصل ، والمثبت عن م ، و «ز».
(٢) رسمها بالأصل وم و «ز» : هيات.
(٣) رسمها غير واضح بالأصل ، وفي م : «جمل» والمثبت عن «ز».
(٤) الأبيات في ديوان الفرزدق ط بيروت ١ / ١١٧.
(٥) عجزه في الديوان :
ولم تر إلّا بطنها لك مخرجا
(٦) روايته في الديوان :
خرجت ولم يمنن عليك طلاقة |
|
سوى ربذ التقريب من آل أعوجا |