دخل الحسن والشعبي على ابن هبيرة فقال لهما : إنّ أمير المؤمنين يريد أن يكتب إليّ في أشياء قال : فقال له الشعبي : أنفذ بعضا وراجع في بعض ، قال : وقال له الحسن : خف الله في يزيد ولا تخف يزيد في الله ، فإنّ الله يكفيك من يزيد ، ولا يكفيك يزيد من الله ، قال : فأمر للحسن بأربعة آلاف درهم ، وأمر للشعبي بألفي درهم ، قال : فخرج الشعبي وهو يقول : رفقنا له فرفق لنا.
أنبأنا أبو الحسن علي بن المسلّم ، وأبو محمّد بن الأكفاني ، وأبو الفرج غيث بن علي قالوا : أنا أبو العباس أحمد بن إبراهيم الرازي ـ إجازة ـ أنا أبو بكر أحمد بن علي المرورّوذي الصّفّار بدمشق ، أنا أبو محمّد جعفر بن علي المرورّوذي ، أنا أبو سليمان حمد بن محمّد الخطابي.
قال : ونا ابن الزنبقي ، نا الفضل بن عمر ، نا محمّد بن سلّام الجمحي ، حدّثني عبد الله بن بكر السهمي ، قال :
سمعت بعض أصحابنا يقول : أرسل عمر بن هبيرة وهو على العراق إلى فقهاء من فقهاء البصرة وفقهاء من فقهاء الكوفة ، وكان ممن أتاه من أهل البصرة : الحسن ، ومن أهل الكوفة الشعبي ، فدخلوا عليه ، فقال لهم : إن أمير المؤمنين يزيد يكتب إليّ في أمور أعمل بها ، فما تريان؟ فقال الشعبي : أصلح الله الأمير أنت مأمور والتبعة على من أمرك ، فأقبل على الحسن فقال : ما تقول؟ قال : قد قال هذا ، قال : قل أنت ، قال : اتّق الله يا عمر ، فكأنك بملك قد أتاك ، فاستنزلك عن سريرك هذا ، وأخرجك من سعة قصرك إلى ضيق قبرك ، فإنّ الله ينجيك من يزيد ، وإنّ يزيد لا ينجيك من الله ، فإيّاك أن تعرض لله بالمعاصي ، فإنّه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، ثم قام فاتبعه الآذن فقال : أيها الشيخ ما حملك على ما استقبلت به الأمير؟ قال : حملني عليه ما أخذ الله على العلماء من الميثاق في علمهم ، ثم تلا : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ)(١).
قال : فخرج عطاؤهم وفضل الحسن (٢).
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، أنا رشأ بن نظيف ، أنا أبو محمّد المصري ، نا أبو
__________________
(١) سورة آل عمران ، الآية : ١٨٧.
(٢) الخبر في تاريخ الإسلام (١٠١ ـ ١٢٠) ص ٢٠٦ ـ ٢٠٧ وانظر حلية الأولياء ٢ / ١٤٩ في ترجمة الحسن البصري.