ـ وهو الفزاري ـ عن الأوزاعي ، قال (١) :
كتب عمر بن عبد العزيز إلى عمر بن الوليد كتابا فيه : وقسم أبيك لك الخمس كله ، وإنما سهم أبيك كسهم رجل من المسلمين ، وفيه حقّ الله ، وحقّ الرسول ، وذوي القربى ، واليتامى ، والمساكين ، وابن السبيل ، فما أكثر خصماء أبيك يوم القيامة ، فكيف ينجو من كثرت (٢) خصماؤه؟ وإظهارك المعازف والمزمار (٣) بدعة في الإسلام ، ولقد هممت أن أبعث إليك من يجرّ جمتك جمّة السوء.
أنبأنا أبو القاسم علي بن أحمد بن محمّد بن بيان الرزاز ، أنا أبو القاسم عبد الملك بن محمّد بن بشران سنة ثلاثين وأربعمائة ، أنا أبو بكر محمّد بن الحسين بن عبد الله في المسجد الحرام ، نا أبو عبد الله محمّد بن مخلد العطار ، حدّثني سهل بن عيسى المروزي ، حدّثني القاسم بن محمّد بن الحارث المروزي ، نا سهل بن يحيى بن محمّد المروزي ، أخبرني أبي عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز قال (٤) :
لما دفن عمر بن عبد العزيز سليمان بن عبد الملك وخرج من قبره سمع للأرض هدّة أو رجّة فقال : ما هذه؟ فقيل : هذا مراكب الخلافة يا أمير المؤمنين قرّبت إليك لتركبها ، فقال : ما لي ولها نحّوها عني ، قرّبوا إليّ بغلتي ، فقرّبت إليه بغلته فركبها ، فجاءه صاحب الشّرط يسير بين يديه بالحربة فقال : تنحّ عني ، ما لي ولك ، إنما أنا رجل من المسلمين ، فسار وسار معه الناس حتى دخل المسجد ، فصعد المنبر واجتمع الناس إليه ، فقال :
يا أيها الناس إنّي قد ابتليت بهذا الأمر عن غير رأي مني فيه ، ولا طلبة له ، ولا مشورة من المسلمين ، وإني قد خلعت ما في أعناقكم من بيعتي فاختاروا لأنفسكم.
فصاح الناس صيحة واحدة : قد اخترناك يا أمير المؤمنين ، ورضيناك ، فل (٥) أمرنا باليمن والبركة ، فلما رأى الأصوات قد هدأت ، ورضي الناس به جميعا حمد الله عزوجل وأثنى عليه وصلّى على النبي صلىاللهعليهوسلم فقال :
أوصيكم بتقوى الله ، فإن تقوى الله خلف من كل شيء ، وليس من تقوى الله خلف ،
__________________
(١) راجع سيرة عمر لابن الجوزي ص ١٣٥ ـ ١٣٦.
(٢) كذا بالأصل وم و «ز» ، وفي سيرة عمر : كثر خصماؤه.
(٣) في سيرة عمر : والمزامير.
(٤) راجع الخبر في سيرة عمر لابن الجوزي ص ٦٥ ـ ٦٦.
(٥) بالأصل وم و «ز» : فلي.