أن عبدة بن أبي لبابة بعث معه بخمسين ومائة يفرّقها في فقراء الأمصار ، فأتيت الماجشون فسألته فقال : ما أعلم أن فيهم اليوم محتاج ، لقد أغناهم عمر بن عبد العزيز ، فزع (١) إليهم فلم يترك منهم أحدا إلّا ألحقه.
أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن هبة الله ، قالا : أنا أبو الحسين بن الفضل ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب (٢) ، نا زيد بن بشر ، أنا ابن وهب ، حدّثني ابن زيد ، عن عمر بن أسيد (٣) ، عن عبد الرّحمن بن زيد بن الخطّاب قال :
إنّما ولي عمر بن عبد العزيز سنتين ونصفا ثلاثين شهرا. لا والله ما مات عمر حتى جعل الرجل يأتينا بالمال العظيم فيقول : اجعلوا هذا حيث ترون للفقراء (٤) ـ وفي حديث أبي القاسم : في الفقراء ـ فما يبرح حتى يرجع بماله يتذكر من يضعه فيهم فلا يجده ـ وقال ابن السّمرقندي : لا يجدهم ـ فيرجع بماله ، قد أغنى عمر بن عبد العزيز الناس.
أخبرنا أبو القاسم أيضا ، أنا محمّد ، أنا أبو الحسين ، أنا عبد الله ، نا يعقوب (٥) ، حدّثني إبراهيم بن هشام بن يحيى ، حدّثني أبي عن جدي قال :
كانت لفاطمة بنت عبد الملك جارية تعجب عمر ، فلما صار إلى ما صار إليه زينتها فاطمة وطيّبتها وبعثت بها إلى عمر ، وقالت : إنّي قد كنت أعلم أنها تعجبك وقد وهبتها لك ، فتنال منها حاجتك ، فلمّا دخلت عليه قال لها عمر : اجلسي يا جارية ، فو الله ما شيء من الدنيا كان أعجب إليّ منك أن أناله ، حدثيني بقصتك وما سببك؟ قال : كنت جارية من البربر جنى أبي جناية فهرب من موسى بن نصير عامل عبد الملك على أفريقية ، فأخذني موسى بن نصير فبعثني إلى عبد الملك ، فوهبني عبد الملك لفاطمة ، فبعثت بي فاطمة إليك ، فقال : كدنا والله نفتضح ، فجهّزها وبعث بها إلى أهلها.
__________________
(١) المعرفة والتاريخ : فدفع.
(٢) رواه يعقوب في المعرفة والتاريخ ١ / ٥٩٩ وتاريخ الإسلام (ترجمته) ص ١٩٧ وسير أعلام النبلاء ٥ / ١٣١ وسيرة عمر لابن عبد الحكم ص ١١٠.
(٣) في المعرفة والتاريخ : عمر بن أسيل.
(٤) في «ز» : «للعفوا».
(٥) رواه يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ ١ / ٦٠١ وانظر البداية والنهاية ٩ / ٢٠١ وسيرة عمر لابن الجوزي ص ١٨٥ ـ ١٨٦ وسيرة عمر لابن عبد الحكم ص ٥٦ ـ ٥٧ وفيها أنها من أهل البصرة.