العام ، فانتبهت فذكرت أنه ليس عندي ما أحجّ به ، فأتاني من الليلة الثانية فقال لي مثل ذلك ، فانتبهت فقلت مثل ذلك ، قال : فأتاني في الليلة الثالثة ـ قال : وكنت قلت في نفسي : إن هو أتاني قلت ليس عندي ما أحجّ به ـ قال : فقلت له ذلك ، فقال لي : انظر موضع كذا وكذا من دارك ، فاحتفره فإن فيه درعا لجدك ـ أو لأبيك ـ قال : فصلّيت الغداة ، ثم احتفرت ذلك الموضع ، فإذا درع كأنما رفعت عنها الأيدي ، فأخرجتها فبعتها بأربع مائة درهم ، ثم أتيت المربد فاشتريت بعيرا أو ناقة (١) وتهيّأت بما يتهيأ الحاج ووعدت أصحابا لي ، فخرجت معهم حتى شهدت الموسم ، ثم أردت الانصراف ، فذهبت لأودع ، وقدّمت بعيري إلى الأبطح ، فإنّي لأصلّي في الحجر إذ غلبتني عيناي (٢) ، فأريت النبي صلىاللهعليهوسلم فقال لي : يا هذا إنّ الله عزوجل قد قبل منك سعيك ، ائت عمر بن عبد العزيز فقل له : إنّ لك عندنا ثلاثة أسماء : عمر بن عبد العزيز ، وأمير المؤمنين ، وأبو اليتامى : شدّ يدك بالعريف ، والمكاس (٣) قال : فانتبهت وأتيت أصحابي ، فقلت لهم : امضوا على بركة الله سبحانه ، وأخذت برأس بعيري ، وسألت عن رفقة تخرج إلى الشام ، فمضيت معهم حتى انتهيت إلى دمشق ، فسألت عن منزله فأنخت ناقتي ، وأوصيت بها ، وذلك قبل انتصاف النهار ، فإذا رجل قاعد على باب الدار ، فقلت له : يا عبد الله استأذن لي على أمير المؤمنين ، فقال لي : ما أمنعك ـ أو قال : ما امتنع عليك ـ ولكني أخبرك : كان من شأنه ـ يعني من تشاغله بالناس ـ حتى كان الساعة ، فإن صبرت وإلّا دخلت ، [فلما دخلت على عمر بن عبد العزيز](٤) وقال لي : من أنت؟ قال : قلت له : أنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : فنظرت إلى نعلاه في إصبعيه فإذا هو يستقي ماء ، فلما رآني تنحّى فألقى نعله ثم جلس ، فسلّمت وجلست ، فقال لي : ممن أنت؟ قلت : رجل من أهل البصرة ، قال : ممن أنت؟ قلت : من بني فلان ، قال : كيف البر عندكم؟ كيف الشعير؟ كيف التمر عندكم؟ كيف الزبيب؟ كيف السمن؟ كيف البزر حتى عدّ عدة الأنواع التي تباع ، وذكر اللبن حتى ذكر ، فلما فرغ من هذا أعادني إلى المسألة الأولى ثم قال لي : ويحك! قد جئت بأمر عظيم ، قلت : يا أمير المؤمنين ما أتيتك إلّا بما رأيت ، قال : ثم اقتصصت رؤياي من لدن الرؤيا إلى مجيئي إليه قال : فكأنّ ذلك تحقق عنده قال : ويحك! أقم عندي
__________________
(١) في سيرة عمر : بعيرا وناقة.
(٢) سيرة عمر : غلبتني عيني.
(٣) كذا بالأصل وم و «ز» ، وفي سيرة عمر : والماكس.
(٤) الزيادة عن سيرة عمر لابن الجوزي ، والجملة مستدركة فيها بين قوسين.