وأصحاب المكوس يظلمون الناس ، قال ابن أبي رقية : فما أمسيت من يومي حتى أنفذ عمر فيهم الكتب (١).
قال : ونا ابن أبي الدنيا ، نا أحمد بن إبراهيم بن كثير ، حدّثني عفّان ، نا عثمان بن عبد الحميد ، حدّثني رجل قال : بلغني أن رجلا (٢) قال :
بينا أنا أطوف بالكعبة إذ نعست فنمت ، فرأيت النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : انطلق إلى عمر بن عبد العزيز فاقرئه السلام ، وأخبره أنّ اسمه عندنا ثلاثة أسماء : عمر ، وجابر ، ومهدي ، ومره بحفظ ثلاث خصال ، فإن هو حفظهن حفظ الله أمر دينه ودنياه ، العرفاء فإنهم أكلة أموال اليتامى ، والمتقبلين فإنهم أكلة الربا ، والعشّارين فإنهم أكلة النجس (٣) ، ثم رأيته مرة أخرى ، فقال لي مثل ذلك ، ثم رأيته مرة أخرى فقال لي مثل ذلك وزبرني وأوفدني (٤) ، فشخصت إليه ، فلمّا قدمت لقيت حاجبه فقلت : استأذن لي على أمير المؤمنين ، فقال : من أنت؟ فقلت : قل : رسول الله صلىاللهعليهوسلم إليك ، فكأنه أنكر ذلك ، وظن أنه لمم (٥) ، إلى أن مرّ إنسان من وجوه الناس ، فدخل على أمير المؤمنين فقال له الحاجب : اسمع ما يقول هذا ، فدخل الرجل فأخبره بذلك ، فأدخل عليه ، فأخبره بما رأى ، فكتب مكانه أن لا يعطى إنسان عطاءه إلّا في يده ، وكتب في المتقبلين والعشارين بما ينبغي ثم قال : ألا (٦) أعطيك من مال الله أو من مالي ، إن شئت؟ فقال : أنا غني في المال ، وإنّما شخصت لهذا.
قال : ونا ابن أبي الدنيا ، نا إسحاق بن إسماعيل ، نا يحيى بن عثمان العامري ، نا القاسم بن محمّد (٧) قال :
أخذ بيدي سفيان الثوري فقمنا إلى رجل يكنى أبا همّام من أهل البصرة ، فسأله عن حديث عمر بن عبد العزيز ، فقال : حدّثني رجل من الحي ـ وذكر من فضله ـ قال : سألت الله عزوجل أن يرزقني الحجّ ثلاث سنين ، فأريت النبي صلىاللهعليهوسلم أتاني فقال : احضر الموسم
__________________
(١) في «ز» : الكتاب.
(٢) سيرة عمر لابن الجوزي ص ٢٩٤ ـ ٢٩٥.
(٣) في سيرة عمر : أكلة النحس.
(٤) كذا بالأصل وم و «ز» ، وفي سيرة عمر : وأوعدني.
(٥) في سيرة عمر : وظن أن بي لمما.
(٦) بالأصل : «لا» والمثبت عن م ، و «ز» ، وسيرة عمر.
(٧) الخبر بطوله في سيرة عمر لابن الجوزي ص ٢٩٢ ـ ٢٩٤.