يذكر ، فقال : كيف ترى في عمر بن عبد العزيز؟ فقلت : أعلمه والله فاضلا خيارا مسلما ، فقال (١) : هو على ذلك ، والله لئن وليته ولم أوّل أحدا من ولد عبد الملك لتكوننّ فتنة ولا يتركونه أبدا يلي عليهم إلّا أن أجعل أحدهم بعده ، ويزيد بن عبد الملك يومئذ غائب على الموسم ، قال : فيزيد بن عبد الملك أجعله بعده ، فإنّ ذلك مما يسكّتهم ويرضون به ، قلت : رأيك ، قال : فكتب بيده :
بسم الله الرّحمن الرّحيم ، هذا كتاب من عبد الله سليمان أمير المؤمنين لعمر بن عبد العزيز ، إنّي وليته الخلافة من بعدي ، ومن بعده يزيد بن عبد الملك ، فاسمعوا له وأطيعوا ، واتّقوا الله ولا تختلفوا فيطمع فيكم ، وختم الكتاب ، وأرسل إلى كعب بن حامد (٢) صاحب شرطه أن مر أهل بيتي فليجتمعوا ، فأرسل إليهم كعب ، فجمعهم ثم قال سليمان : لرجاء بعد اجتماعهم : اذهب بكتابي هذا إليهم فأخبرهم أنه كتابي ومرهم فليبايعوا من ولّيت ، قال : ففعل رجاء ، فلما قال لهم ذلك رجاء قالوا : سمعنا وأطعنا لمن فيه ، وقالوا : ندخل فنسلم على أمير المؤمنين ، قال : نعم ، فدخلوا فقال لهم سليمان : هذا الكتاب ، وهو يشير لهم وهم ينظرون إليه في يد رجاء بن حيوة : هذا عهدي ، فاسمعوا وأطيعوا وبايعوا لمن سمّيت في هذا الكتاب ، قال : فبايعوه رجلا رجلا ، قال : ثم خرج بالكتاب مختوما في يد رجاء.
قال رجاء : فلما تفرقوا جاءني عمر بن عبد العزيز فقال : يا أبا المقدام إنّ سليمان كانت لي به حرمة ومودة وكان بي برّا ملطفا فأنا أخشى [أن](٣) يكون قد أسند إليّ من هذا الأمر شيئا ، فأنشدك الله وحرمتي ومودتي إلّا أعلمتني إن كان ذلك حتى أستعفيه الآن قبل أن يأتي حال (٤) لا أقدر فيها على ما أقدر الساعة ، فقال رجاء : لا والله ما أنا بمخبرك حرفا واحدا ، قال : فذهب عمر غضبان.
قال رجاء : ولقيني هشام بن عبد الملك ، فقال : يا رجاء إنّ لي بك حرمة ومودة قديمة ، وعندي شكر ، فأعلمني أهذا الأمر إليّ؟ فإن كان إليّ علمت ، وإن كان إلى غيري
__________________
(١) من قوله : كيف ترى ... إلى هنا استدرك على هامش م ، وبعده صح.
(٢) كذا بالأصل وم و «ز» ، وفي ابن سعد : كعب بن حامز.
(٣) زيادة عن «ز» ، وابن سعد ، واللفظة ليست في م أيضا.
(٤) بالأصل : «يأتيني حالي» والمثبت عن م ، و «ز» ، وابن سعد.