إبراهيم ، والأوزاعي ، وسعيد بن عبد العزيز في من وافقهم من فقهاء أهل الشام ، وحكى نحو ذلك خالد بن يزيد بن أبي مالك عن أبيه وقضاة جنده ، وهو قول الليث بن سعد فيمن وافقه من فقهاء أهل مصر والمغرب ، وهو قول فقهاء أهل البصرة وقضاتهم ، وروي عن قتادة وعن سوّار بن عبد الله ، وعبيد الله بن الحسين (١) ، ومعاذ بن معاذ العنبريين في من سلك سبيلهم ، وأخذ بهذا عدد من متأخري أصحاب الحديث ، منهم : أبو عبيد ، وإسحاق بن راهوية ، وأبى ذلك جماعة من فقهاء أهل العراق منهم : إبراهيم ، وحمّاد ، والحسن ، وهو مذهب الشافعي ، وأبي ثور ، وهو قول شيخنا أبي جعفر ، وكان بعض أصحاب الشافعي بالعراق يذهب إلى القول الأول لعلل ذكر أنه حاجّ بعض مخالفيه بها.
قال القاضي : وإلى القول الذي قدمت حكايته عن أهل الحجاز والشام ومصر والمغرب والبصرة أذهب ، ولكلّ ذي قول من هذين القولين علل يعتلّ بها لقوله ، ويحتج بها على خصمه ، وليس هذا الموضع مما يحتمل إحضارها ، وهي مشروحة مستقصاة فيما رسمناه من كلامنا في كتب الفقه ومسائله.
وقوله : «ألاصني» قريب من معنى قوله : «أدارني» وهو ليّه وفتله.
قرأت على أبي غالب بن البنّا ، عن أبي محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ـ إجازة ـ نا الحسين بن الفهم ، نا محمّد بن سعد (٢) ، أنا محمّد بن عمر ، نا داود بن خالد أبو سليمان ، عن سهيل بن أبي سهيل قال : سمعت رجاء بن حيوة يقول :
لما كان يوم الجمعة لبس سليمان بن عبد الملك ثيابا خضرا من خزّ ونظر في المرآة فقال : أنا والله الملك الشاب ، فخرج إلى الصلاة ، فصلّى بالناس الجمعة ، فلم يرجع حتى وعك ، فلما ثقل كتب كتابا عهده إلى ابنه أيوب ، وهو غلام لم يبلغ ، فقلت : ما تصنع يا أمير المؤمنين إنّه مما يحفظ به الخليفة في قبره أن يستخلف الرجل الصالح ، فقال سليمان : كتاب أستخير الله فيه ، وأنظر ولم أعزم عليه ، فمكث يوما أو يومين ثم خرّقه ، ثم دعاني فقال : ما ترى في داود بن سليمان ، فقلت : هو غائب بقسطنطينة ، وأنت لا تدري أحيّ هو أو ميت؟ قال : يا رجاء فمن ترى؟ قال : فقلت : رأيك يا أمير المؤمنين ، وأنا أريد أن أنظر من
__________________
(١) في الجليس الصالح : الحسن.
(٢) الخبر في طبقات ابن سعد ٥ / ٣٣٥.