يغضب الناس ويغضبونه ، ويمخضهم ويمخضونه (١) ، والله لقد كان الحجاج وما عربي أحسن منه أدبا ، فطالت ولايته ، فكان لا يسمع إلّا ما يحب ، فمات والله لأحمق وسيّئ الأدب.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطبري ، أنا أبو الحسين بن الفضل ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب بن سفيان (٢) ، نا سعيد بن عفير ، حدّثني يعقوب ، عن أبيه.
أن عبد العزيز بن مروان بعث ابنه عمر بن عبد العزيز إلى المدينة يتأدّب بها ، فكتب إلى صالح بن كيسان يتعاهده ، فكان يلزمه الصلوات فأبطأ يوما عن الصلاة ، فقال : ما حبسك؟ قال : كانت مرجّلتي تسكّن شعري ، فقال : بلغ منك حبك تسكين شعرك أن تؤثره على الصلاة ، فكتب إلى عبد العزيز يذكر ذلك فبعث إليه عبد العزيز رسولا ، فلم يكلّمه حتى حلق شعره.
وكان (٣) عمر يختلف إلى عبيد الله بن عبد الله يسمع منه العلم ، فبلغ عبيد الله أن (٤) عمر ينتقص علي بن أبي طالب ، فأتاه عمر فقام يصلي فجلس (٥) عمر ، فلم يبرح حتى سلّم من ركعتين ، ثم أقبل على عمر بن عبد العزيز فقال (٦) : متى بلغك أن الله سخط على أهل بدر بعد أن رضي عنهم؟ قال : قال : فعرف عمر ما أراد ، فقال : معذرة إلى الله وإليك ، والله لا أعود ، قال : فما سمع عمر بن عبد العزيز بعد ذلك ذاكرا عليا إلّا بخير.
قرأت على أبي الفضل بن ناصر ، وأبي عبد الله بن البنا ، عن محمّد بن عبد السلام بن محمّد ، أنا علي بن محمّد بن خزفة.
وأخبرنا أبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنا ، قالا : أنا أبو الحسين بن الآبنوسي ، أنا أحمد بن عبيد بن الفضل ـ إجازة ـ.
__________________
(١) في تهذيب الكمال : ويمحصهم ويمحصونه.
(٢) المعرفة والتاريخ ١ / ٥٦٨ وسير أعلام النبلاء ٥ / ١١٦ وسيرة عمر لابن الجوزي ص ١٣ ـ ١٤.
(٣) من هنا الخبر أيضا في المعرفة والتاريخ ١ / ٥٦٨ وتاريخ الإسلام (ترجمته) ص ١٨٨ وسير أعلام النبلاء ٥ / ١١٧ والبداية والنهاية ٩ / ١٩٣.
(٤) بالأصل : «بن» تصحيف ، والتصويب عن م ، و «ز» ، والمصادر.
(٥) بالأصل وم : «وارر» والمثبت عن البداية والنهاية.
(٦) من قوله : فقام يصلي ... إلى هنا سقط من «ز».