راية والقلزم ، وكورة إيلة وحيزها ، ومدين وحيزها ، والعويبد والحوراء وحيزهما ، ثم كورة بدا وشعيب. قلت لا خلاف بين علماء الأخبار من أهل الكتاب أن جبل الطور هذا هو الذي كلم الله تعالى نبيه موسى عليهالسلام عليه ، أو عنده ، وبه إلى الآن دير بيد الملكية وهو عامر وفيه بستان كبير به نخل وعنب وغير ذلك من الفواكه. وقال الشابشتيّ : وطور سينا هو الجبل الذي تجلّى فيه النور لموسى بن عمران عليهالسلام ، وفيه صعق ، والدير في أعلى الجبل مبنيّ بحجر أسود ، عرض حصنه سبع أذرع ، وله ثلاثة أبواب حديد ، وفي غربيه باب لطيف ، وقدّامه حجر أقيم إذا أرادوا رفعه رفعوه ، وإذا قصدهم أحد أرسلوه فانطبق على الموضع فلم يعرف مكان الباب ، وداخل الدير عين ماء ، وخارجه عين أخرى ، وزعم النصارى أن به نارا من أنواع النار التي كانت ببيت المقدس ، يقدمون منها في كلّ عشية ، وهي بيضاء لطيفة ضعيفة الحرّ لا تحرق ، ثم تقوى إذا أوقد منها السراج ، وهو عامر بالرهبان ، والناس يقصدونه ، وهو من الديارات الموصوفة. قال ابن عامر فيه :
يا راهب الدير ما ذا الضوء والنور |
|
فقد أضاء بما في ديرك الطور |
هل حلّت الشمس فيه دون أبرجها |
|
أو غيّب البدر فيه وهو مستور |
فقال ما حلّه شمس ولا قمر |
|
لكن تقرّب فيه اليوم قورير |
قلت ذكر مؤرخو النصارى أنّ هذا الدير أمر بعمارته يوسطيانوس ملك الروم بقسطنطينية ، فعمل عليه حصن فوقه عدّة قلالي ، وأقيم فيه الحرس لحفظ رهبانه من قوم يقال لهم بنو صالح من العرب ، وفي أيام هذا الملك كان المجمع الخامس من مجامع النصارى ، وبينه وبين القلزم ، وكانت مدينة ، طريقان إحداهما في البرّ والأخرى في البحر ، وهما جميعا يؤدّيان إلى مدينة فاران ، وهي من مدائن العمالقة ، ثم منها إلى الطور مسيرة يومين ، ومن مدينة مصر إلى القلزم ثلاثة أيام ، ويصعد إلى جبل الطور بستة آلاف وستمائة وست وستين مرقاة ، وفي نصف الجبل كنيسة لإيلياء النبيّ ، وفي قلته كنيسة على اسم موسى عليهالسلام بأساطين من رخام ، وأبواب من صفر ، وهو الموضع الذي كلم الله تعالى فيه موسى ، وقطع منه الألواح ولا يكون فيها إلّا راهب واحد للخدمة ، ويزعمون أنه لا يقدر أحد أن يبيت فيها ، بل يهيأ له موضع من خارج يبيت فيه ، ولم يبق لهاتين الكنيستين وجود.
دير البنات بقصر الشمع بمصر : وهو على اسم بوجرج ، وكان مقياس النيل قبل الإسلام ، وبه آثار ذلك إلى اليوم ، فهذا ما للنصارى اليعاقبة ، والملكية رجالهم ونسائهم من الديارات بأرض مصر قبليها وبحريها ، وعدّتها ستة وثمانون ديرا منها لليعاقبة ... (١) ديرا وللملكية ... (٢).
__________________
(١) بياض في الأصل.
(٢) بياض في الأصل.