الحاكم بأمر الله : أبو عليّ منصور بن العزيز بالله نزار بن المعز لدين الله أبي تميم معدّ ، ولد بالقصر من القاهرة المعزية ، ليلة الخميس الثالث والعشرين من شهر ربيع الأول سنة خمس وسبعين وثلاثمائة في الساعة التاسعة ، والطالع من برج السرطان سبع وعشرون درجة ، وسلّم عليه بالخلافة في مدينة بلبيس بعد الظهر من يوم الثلاثاء عشري شهر رمضان سنة ست وثمانين وثلاثمائة وسار إلى القاهرة في يوم الأربعاء بسائر أهل الدولة والعزيز في قبة على ناقة بين يديه ، وعلى الحاكم دراعة مصمت وعمامة فيها الجوهر ، وبيده رمح وقد تقلد السيف. ولم يفقد من جميع ما كان مع العساكر شيء ، ودخل القصر قبل صلاة المغرب ، وأخذ في جهاز أبيه العزيز بالله ودفنه ، ثم بكر سائر أهل الدولة إلى القصر يوم الخميس ، وقد نصب للحاكم سرير من ذهب عليه مرتبة مذهبة في الإيوان الكبير ، وخرج من قصره راكبا عليه معممة الجوهر والناس وقوف في صحن الإيوان ، فقبلوا له الأرض ومشوا بين يديه حتى جلس على السرير ، فوقف من رسمه الوقوف ، وجلس من له عادة أن يجلس ، وسلّم الجميع عليه بالإمامة واللقب الذي اختير له ، وهو الحاكم بأمر الله ، وكان سنّه يومئذ إحدى عشرة سنة وخمسة أشهر وستة أيام ، فجعل أبا محمد الحسن بن عمار الكنديّ واسطة ، ولقب بأمين الدولة ، وأسقط مكوسا كانت بالساحل ، وردّ إلى الحسين بن جوهر القائد البريد والإنشاء ، فكان يخلفه ابن سورين ، وأقرّ عيسى بن نسطورس على ديوان الخاص ، وقلد سليمان بن جعفر بن فلاح الشام ، فخرج ينجو تكين من دمشق وسار منها لمدافعة سليمان بن جعفر بن فلاح ، فبلغ الرملة وانضمّ إليه ابن الجرّاح الطائيّ في كثير من العرب ، وواقع ابن فلاح فانهزم وفرّ ، ثم أسر فحمل إلى القاهرة وأكرم ، واختلف أهل الدولة على ابن عمار ، ووقعت حروب آلت إلى صرفه عن الوساطة. وله في النظر أحد عشر شهرا غير خمسة أيام ، فلزم داره وأطلقت له رسوم وجرايات ، وأقيم الطواشي برجوان الصقليّ مكانه في الوساطة لثلاثة بقين من رمضان سنة سبع وثمانين وثلاثمائة فجعل كاتبه فهد بن إبراهيم يوقع عنه ، ولقبه بالرئيس ، وصرف سليمان بن فلاح عن الشام بجيش بن الصمصامة ، وقلد فحل بن إسماعيل الكتاميّ مدينة صور ، وقلد يانس الخادم برقة ، وميسور الخادم طرابلس ، ويمنا لخادم غزة وعسقلان ، فواقع جيش الروم على فاهية وقتل منهم خمسة آلاف رجل ، وغزا إلى أن دخل مرعش ، وقلد وظيفة قضاء القضاء أبا عبد الله الحسين بن علي بن النعمان في صفر سنة تسع وثمانين وثلاثمائة بعد موت قاضي القضاة محمد بن النعمان ، وقتل الأستاذ برجوان لاربع بقين من ربيع الآخر سنة تسع وثمانين وثلاثمائة ، وله في النظر سنتان وثمانية أشهر غير يوم واحد ، وردّ النظر في أمور الناس وتدبير المملكة والتوقيعات إلى الحسين بن جوهر ، ولقب بقائد القوّاد ، فخلفه الرئيس بن فهد ، واتخذ الحاكم مجلسا في الليل يحضر فيه عدّة من أعيان الدولة ، ثم أبطله ومات جيش بن الصمصامة في ربيع الآخر سنة تسعين وثلثمائة ، فوصل ابنه بتركته إلى القاهرة ومعه