المدرسة السعدية
هذه المدرسة خارج القاهرة بقرب حدرة البقر على الشارع المسلوك فيه من حوض ابن هنس إلى الصليبة ، وهي فيما بين قلعة الجبل وبركة الفيل ، كان موضعها يعرف بخط بستان سيف الإسلام ، وهي الآن في ظهر بيت قوصون المقابل لباب السلسلة من قلعة الجبل ، بناها الأمير شمس الدين سنقر السعديّ نقيب المماليك السلطانية ، في سنة خمس عشرة وسبعمائة ، وبنى بها أيضا رباطا للنساء ، وكان شديد الرغبة في العمائر محبا للزراعة ، كثير المال ظاهر الغنى ، وهو الذي عمر القرية التي تعرف اليوم بالنحريرية من أعمال الغربية ، وكان إقطاعه ، ثم إنه أخرج من مصر بسبب نزاع وقع بينه وبين الأمير قوصون في أرض أخذها منه ، فسار إلى طرابلس وبها مات في سنة ثمان وعشرين وسبعمائة.
المدرسة الطفجية
هذه المدرسة بخط حدرة البقر أيضا ، أنشأها الأمير سيف الدين طفجي الأشرفيّ ، ولها وقف جيد.
طفجي : الأمير سيف الدين ، كان من جملة مماليك الملك الأشرف خليل بن قلاون ، ترقّى في خدمته حتى صار من جملة أمراء ديار مصر ، فلما قتل الملك الأشرف قام طفجي في المماليك الأشرفية وحارب الأمير بيدرا المتولي لقتل الأشرف حتى أخذه وقتله ، فلما أقيم الملك الناصر محمد بن قلاون في المملكة بعد قتل بيدرا ، صار طفجي من أكابر الأمراء ، واستمرّ على ذلك بعد خلع الملك الناصر بكتبغا مدّة أيامه إلى أن خلع الملك العادل كتبغا وقام في سلطنة مصر الملك المنصور لاجين ، وولى مملوكه الأمير سيف الدين منكوتمر نيابة السلطنة بديار مصر ، فأخذ يواحش أمراء الدولة بسوء تصرّفه ، واتفق أن طفجي حج في سنة سبع وتسعين وستمائة ، فقرّر منكوتمر مع المنصور أنه إذا قدم من الحج يخرجه إلى طرابلس ويقبض على أخيه الأمير سيف الدين كرجي ، فعندما قدم طفجي من الحجاز في صفر سنة ثمان وتسعين وستمائة ، رسم له بنيابة طرابلس ، فثقل عليه ذلك وسعى بإخوته الأشرفية حتى أعفاه السلطان من السفر ، فسخط منكوتمر وأبى الإسفر طفجي وبعث إليه يلزمه بالسفر ، وكان لاجين منقادا لمنكوتمر لا يخالفه في شيء ، فتواعد طفجي وكرجي مع جماعة من المماليك وقتلوا لاجين ، وتولى قتله كرجي ، وخرج فإذا طفجي في انتظاره على باب القلة من قلعة الجبل ، فسرّ بذلك وأمر بإحضار من بالقلعة من الأمراء ، وكانوا حينئذ يبيتون بالقلعة دائما ، وقتل منكوتمر في تلك الليلة وعزم على أنه يتسلطن ويقيم كرجي في نيابة السلطنة ، فخذله الأمراء. وكان الأمير بدر الدين بكتاش الفخريّ أمير سلاح قد خرج في غزاة وقرب حضوره ، فاستمهلوه بما يريد إلى أن يحضر ، فأخر سلطنته وبقي