عليها الشمع ليالي الوقودات ، وكان فيه كرم ، سمع بأن المادرانيّ عمل في أيامه الكعك الصغير المحشوّ بالسكر المسمى أفطن له ، فأمر هو بعمل لب الفستق الملبس بالسكر الأبيض الفانيذ المطيب بالمسك ، وعمل منه في أوّل الحال شيئا عوّض لبه لب ذهب في صحن واحد ، فمضى فيه جملة ، وخطف قدّامه ، تخاطفه الحاضرون. ولم يعد لعمله بل الفستق الملبس. وهو أوّل من أخرجه بمصر ، وكان قد سمع في سيرة أبي بكر المادرانيّ أنه عمل هذا الأفطن له ، وجعل في كلّ واحد خمسة دنانير ، ووقف أستاذ على السماط فقال لأحد الجلساء : افطن له. وكان على السماط عدّة صحون من ذلك الجنس ، لكن ما فيها ما فيه دنانير إلّا صحن واحد ، فلما رمز الأستاذ لأحد الجلساء على سماط المادرانيّ بقوله افطن له ، وأشار إلى الصحن ، تناول الرجل منه فأصاب لك ، فاعتمد له جملة ، ورآه الناس وهو إذا أكل يخرج شيئا من فمه ويجمع بيده ويحط في حجره ، فتنبهوا وتزاحموا عليه. فقيل لذلك المعمول من ذلك الوقت أفطن له ، وقتل هذا القاضي في تنيس في أيام بهرام الوزير النصرانيّ الأرمني ، سنة ست وعشرين وخمسمائة.
جوسق ابن مقشر : كان جوسقا طويلا ذا تربة إلى جانبه.
جوسق الشيخ أبي محمد : عامل ديوان الأشراف الطالبيين ، وجوسق ابن عبد المحسن بخط الأكحول ، وجوسق البغداديّ الجرجراي ، كان قبره إلى جانبه ، خرب في سنة عشرين وخمسمائة ، وجوسق الشريف أبي إسماعيل إبراهيم بن نسيب الدولة الكلتميّ الموسوي نقيب مصر.
جوسق المادرانيّ : هذا الجوسق لم يبق من جواسق القرافة غيره ، وهو جوسق كبير جدّا على هيئة الكعبة بالقرب من مصلى خولان في بحريه ، على جانبه الممرّ من مقطع الحجارة ، بناه أبو بكر محمد بن عليّ المادرانيّ في وسط قبورهم من الجبانة ، وكان الناس يجتمعون عند هذا الجوسق في الأعياد ، ويوقد جميعه في ليلة النصف من شعبان كل سنة وقودا عظيما ، ويتحلق القرّاء حوله لقراءة القرآن ، فيمرّ للناس هنالك أوقات في تلك الليلة وفي الأعياد بديعة حسنة.
جوسق حب الورقة : كان هذا الجوسق بحضرة تربة ابن طباطبا ، أدركته عامرا ، وقد خرب فيما خرّبه السفهاء من ترب القرافة وجواسقها ، زعما منهم أن فيها خبايا ، وكان أكابر أمراء المغافر ومن بعدهم ومن يجري مجراهم ، لكلّ منهم جوسق بالقرافة يتنزه فيه ويعبد الله تعالى هناك ، وكان من هذه الجواسق ما تحته حوض ماء لشرب الدواب وفسقية وبستان ، وكان بالقرافة عدّة قصور ، وهي التي تسمى بالجواسق ، لها مناظر وبساتين ، إلّا أن الجواسق أكثرها بغير بساتين ولا بئر ، بل مناظر مرتفعة ، ويقال لها كلها قصور.
قصر القرافة : بنته السيدة تغريد أمّ العزيز بالله في سنة ست وستين وثلاثمائة ، على يد