إليه ماء النيل ، وما زال على وفور حرمته ونفوذ كلمته إلى أن خرج الأمير يلبغا الناصريّ نائب حلب على الملك الظاهر برقوق ، في سنة إحدى وتسعين وسبعمائة ، وجهز السلطان الأمير أيتمش ، والأمير يونس هذا ، والأمير جهاركس الخليليّ ، وعدّة من الأمراء والمماليك لقتاله ، فلقوه بدمشق وقاتلوه فهزمهم ، وقتل الخليليّ وفرّ أيتمش إلى دمشق ، ونجا يونس بنفسه يريد مصر ، فأخذه الأمير عيفا بن شطي أمير الأمراء وقتله يوم الثلاثاء ثاني عشري شهر ربيع الآخر ، سنة إحدى وتسعين وسبعمائة ، ولم يعرف له قبر بعد ما أعدّ لنفسه عدّة مدافن في غير ما مدينة من مصر والشام.
خانقاه طيبرس
هذه الخانقاه من جملة أراضي بستان الخشاب ، فيما بين القاهرة ومصر على شاطىء النيل ، أنشأها الأمير علاء الدين طيبرس الخازندار نقيب الجيوش في سنة سبع وسبعمائة ، بجوار جامعه المقدّم ذكره عند ذكر الجوامع من هذا الكتاب. وقرّر بها عدّة من الصوفية ، وجعل لهم شيخا وأجرى لهم المعاليم ، ولم تزل عامرة إلى أن حدثت المحن من سنة ست وثمانمائة ، فابتاع شخص الوكالة والربعين المعروفين بربع بكتمر والحمامين ، ونقض ذلك فخرب الخط وصار مخوفا. فلما كان في سنة أربع عشرة وثمانمائة ، نقل الحضور من هذه الخانقاه إلى المدرسة الطيبرسية بجوار الجامع الأزهر ، وهي الآن بصدد أن تدثر وتمحى آثارها.
خانقاه أقبغا
هذه الخانقاه هي موضع من المدرسة الأقبغاوية بجوار الجامع الأزهر ، أفرده الأمير أقبغا عبد الواحد وجعل فيه طائفة يحضرون وظيفة التصوّف ، وأقام لهم شيخا وأفرد لهم وقفا يختص بهم ، وهي باقية إلى يومنا هذا ، وله أيضا خانقاه بالقرافة.
الخانقاه الخروبية
هذه الخانقاه بساحل الجيزة تجاه المقياس ، كانت منظرة من أعظم الدور وأحسنها ، أنشأها زكيّ الدين أبو بكر بن عليّ الخرّوبيّ كبير التجار ، ثم توارثها من بعده أولاد الخرّوبيّ التجار بمصر ، فلم تزل بأيديهم ، إلى أن نزلها السلطان المؤيد شيخ في يوم الاثنين ثاني عشر شهر رجب الفرد ، سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة ، وأقام بها فاقتضى رأيه أن يجعلها خانقاه ، فاستدعى بابن الخرّوبيّ ليشتريها منه ، فتبرّع بما يخصه منها ، وصار إليه باقيها ، فتقدّم إلى الأمير سيف الدين أبي بكر بن المسروق الاستادار بعملها خانقاه ، وسار منها في يوم الأربعاء سادس عشرة ، فأخذ الأمير أبو بكر في عملها حتى كملت في آخر السنة ، واستقرّ في مشيختها شمس الدين محمد بن الحمتي الدمشقيّ الحنبليّ ، وخلع عليه يوم السبت سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة ، ورتب له في كل يوم عشرة مؤيدية ، عنها مبلغ