ابن الملك المجاهد سيف الدين إسحاق صاحب الجزيرة ، بن الملك الرحيم بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل ، بجوار داره وحمّامه وطاحونه ، وجعل له فيه مدفنا ووقف عليه بستان الجرف وبستانا بناحية شبرا ، وعدّة حصص من قرى فلسطين والساحل ، وأحكارا ودورا بجانب الرباط. ومات يوم الجمعة ثامن ربيع الآخر سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة ، ومولده يوم الجمعة ثامن عشري المحرّم سنة سبع وخمسين وستمائة ، بجزيرة ابن عمرو ، وكان من الحلقة وسمع الحديث من النجيب الحرّانيّ ، وابن عرنين ، وابن علاف. ودفن فيه وبه إلى الآن بقية ، ويحضره الفقهاء يوما في الأسبوع وهم عشرة شيخهم منهم ومنهم قارىء ميعاد وقرّاء ، وكان أوّلا معمورا بسكنى أهله دائما فيه ، وفي هذا الوقت لا يمكن سكناه لكثرة الخوف من السرّاق.
ذكر الزوايا
زاوية الدمياطيّ
هذه الزاوية فيما بين خط السبع سقايات وقطنرة السدّ خارج مصر إلى جانب حوض السبيل المعدّ لشرب الدواب ، أنشأها الأمير عز الدين أيبك الدمياطيّ الصالحيّ النجميّ ، أحد الأمراء المقدّمين الأكابر في أيام الملك الظاهر بيبرس ، وبها دفن لمّا مات بالقاهرة ليلة الأربعاء تاسع شعبان سنة ست وتسعين وستمائة ، وإلى الآن يعرف الحوض المجاور لها بحوض الدمياطي.
زاوية الشيخ خضر
هذه الزاوية خارج باب الفتوح من القاهرة بخط زقاق الكحل. تشرف على الخليج الكبير ، عرفت بالشيخ خضر بن أبي بكر بن موسى المهرانيّ العدويّ ، شيخ السلطان الملك الظاهر بيبرس ، كان أوّلا قد انقطع بجبل المزة خارج دمشق ، فعرفه الأمير سيف الدين قشتمر العجميّ وتردّد إليه فقال له : لا بدّ أن يتسلطن الأمير بيبرس البندقاريّ ، فأخبر بيبرس بذلك ، فلما صارت المملكة إليه بعد قتل الملك المظفر قطز ، اشتمل على اعتقاده وقرّبه ، وبني له زاوية بجبل المزة ، وزاوية بظاهر بعلبك ، وزاوية بحماه ، وزاوية بحمص ، وهذه الزاوية خارج القاهرة. ووقف عليها أحكارا تغل في السنة نحو الثلاثين ألف درهم ، وأنزله بها وصار ينزل إليه في الأسبوع مرّة أو مرّتين ويطلعه على غوامض أسراره ويستشيره في أموره ، ولا يخرج عما يشير به ، ويأخذه معه في أسفاره ، وأطلق يده وصرّفه في مملكته ، فهدم كنيسة اليهود بدمشق ، وهدم كنيسة للنصارى بالقدس ، كانت تعرف بالمصلبة ، وعملها زاوية ، وقتل قسيسها بيده ، وهدم كنيسة للروم بالإسكندرية كانت من كراسي النصارى ، ويزعمون أن بها رأس يحيى بن زكريا ، وعملها مسجدا سماه الخضر ، فاتقي جانبه الخاص