وله ديوان مشهور وكان محبا لمذهبه مغاليا فيه.
«قيل» ان اباه قال له كيف خالفت أهلك وصرت حنفيا؟ قال يا خوند الا ترضون ان يكون منكم واحد مسلم. قاله على سبيل المداعبة.
وكان كثير الاشتغال مع كثرة الاشتغال. وكان يحب كتاب سيبويه وطالعه مرات ، وكان يحب الفضيلة ، جعل لمن يحفظ المفصل للزمخشري مئة دينار ، ولمن يحفظ الجامع الكبير مئتي دينار ، ولمن يحفظ الايضاح ثلاثين دينارا سوى الجامع ، وقد حج سنة احدى عشرة ، وجدد البرك والمصانع ، واحسن الى الحجاج كثيرا ، وبنى سور دمشق والطارمة التي على باب الحديد (١) وبنى بالقدس مدرسة ، وبنى عند جعفر الطيار رضي الله تعالى عنه مسجدا. قال أبو المظفر [سبط ابن] الجوزي وبنى بمعان دار مضيف وحمامين ، وكان قد عزم على تسهيل طريق الحجاج وان يبني في كل منزلة مكانا.
وكان يتكلم مع العلماء ويناظر ويبحث وكان ملكا حازما ، وافر الحرمة مشهورا بالشجاعة والاقدام ، وفيه تواضع وكرم وحياء.
وكان قد اعتد للجواسيس والقصاد ، فان الفرنج كانوا على كنفه (٢) فلذلك كان يظلم ويعسف ويصادر ، واخرب القدس لعجزه عن حفظه من الفرنج ، وكان يملك من العريش الى حمص والكرك ، وكان يركب وحده مرارا عديدة ، ثم يتبعه غلمانه يتطاردون خلفه ، وكان مكرما
__________________
(١) باب الحديد هو باب القلعة الذي في زاويتها الشمالية الغربية قريبا من سوق الزرابلية والطارمة هي غرفة أو شبهها عالية حولها شبابيك كثيرة ويسمى ما هو قريب منها في دمشق طرمة.
(٢) : الكنف : الجانب ، والتكنيف : الاحاطة.
القلائد الجوهرية م ـ ١٥