المقدسي (١) ثم تتابعت الهجرة بعد ذلك فكان المهاجرون يعدون بالمئات وكان نزولهم وهم عدد غير قليل بمسجد موقعه غير صحي ، سبب تفشي الامراض بينهم وموت عدد كبير منهم فتطلبوا لهم مكانا فسيحا صحيا فوقع اختيارهم على سفح قاسيون على مقربة من نهر يزيد. فبنوا لهم دارا تحوي عددا كبيرا من الحجرات دعيت بدير الحنابلة. ثم شرعوا في بناء اول مدرسة في الجبل وهي المعروفة «بالعمرية» وتتابع البناء حولها.
عضد هذه الحركة السلطان نور الدين ثم الملوك الايوبيون وخواتينهم فبنوا عدة مدارس ومساجد جعلت تلك الارض القاحلة مزدهرة بالعمران ، ناضرة بالقصور والاشجار والازهار. وبحق كان يصح ان تدعى «دمشق الجديدة» ولكنها دعيت بالصالحية نسبة لاولئك الفلسطينيين الذين عرفوا لعلمهم وتقواهم بالصالحين.
واعتبرت الصالحية في العصر المملوكي مدينة مستقلة فابن بطوطة الذي زارها سنة (٧٢٦) قال عنها : هي مدينة عظيمة لها سوق لا نظير لحسنه ، وفيها مسجد جامع ومارستان واهل الصالحية كلهم على مذهب الامام احمد بن حنبل (٢).
ويصفها القلقشندي وصفا رائعا فيقول : مدينة الصالحية مدينة ممتدة في سفح الجبل تشرف على دمشق وضواحيها. ذات بيوت ، ومدارس ، وربط ، واسواق ، وبيوت جليلة ، ولكل من دمشق والصالحية البساتين الانيقة بتسلسل جداولها ، وتغني دوحاتها ،
__________________
(١) راجع الحاشية رقم (٢) ص ٦٧ وراجع تفاصيل هجرتهم واسبابها ص ٦٦ ـ ٨٤.
(٢) رحلة ابن بطوطه ١ / ٥٨ مطبعة وادي النيل.