قال : ونا محمّد بن جعفر ، نا أحمد بن السّري ، حدّثني أبو الحسن السّجزي ، قال : سمعت محمّد بن يعقوب القاضي ، قال : سمعت أبا رجاء الجوزجاني قال :
دخل الشعبي على عبد الملك بن مروان فقال : يا شعبي لقد وخمت من كل شيء إلّا في الحديث الحسن ، قال : نعم يا أمير المؤمنين ، إنّ الحديث ذو (١) شجون تسلى به الهموم ، قال : يا شعبي ما العلم؟ قال : يا أمير المؤمنين ، العلم ما يقربك من الجنة ، ويباعدك من النار ، قال : يا شعبي ما العقل؟ قال : ما يعرّفك عواقب رشدك ومواقع غيّك (٢) ، قال : متى يعرف الرجل كمال عقله؟ قال : إذا كان حافظا للسانه ، مداريا لأهل زمانه. مقبلا على شأنه.
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، نا وأبو منصور بن خيرون ، أنا أبو بكر الخطيب (٣) ، أنا أبو عبد الله محمّد بن عبد الواحد ، أنا محمّد بن العباس ، أنا أحمد بن محمّد بن عيسى المكي ، أنا محمّد بن القاسم بن خلّاد ، نا ابن عائشة ، قال :
وجّه عبد الملك بن مروان الشعبي إلى ملك الروم ، فلما انصرف من عنده قال : يا شعبي أتدري ما كتب به إليّ ملك الروم؟ قال : وما كتب به إلى أمير المؤمنين؟ قال : كتب العجب لأهل ديانتك كيف لم يستخلفوا رسولك هذا ، قلت : يا أمير المؤمنين لأنه رآني ولم ير أمير المؤمنين.
قال (٤) : وأخبرنا محمّد بن عبد الواحد بن علي البزّاز (٥) ، أنا القاضي أبو سعيد الحسن بن عبد الله بن المرزبان السّيرافي ، أنا محمّد بن الحسن بن دريد ، نا عبد الرّحمن ـ يعني ابن أخي الأصمعي ـ عن عمه ، قال :
وجه عبد الملك بن مروان الشعبي إلى ملك الروم في بعض الأمر ، فاستكثر الشعبي ، فقال له : أمن أهل بيت الملك أنت؟ قال : لا ، قال : فلما أراد الرجوع إلى عبد الملك حمّله رقعة لطيفة ، وقال له : إذا رجعت إلى صاحبك فأبلغته جميع ما يحتاج
__________________
(١) عن م ، وبالأصل : وشجون.
(٢) عن م وبالأصل : غمك.
(٣) تاريخ بغداد ١٢ / ٢٣١.
(٤) المصدر السابق نفسه / الجزء والصفحة.
(٥) بالأصل وم «البزار» والمثبت عن تاريخ بغداد.