ويجلس لا يسأله عن شيء ، حتى دخل الوليد يوما على أبيه ، فجلس ، ودخل عامر فقال : من هذا يا أمير المؤمنين؟ فقال : هذا الوليد بن عبد الملك ، فقال الشعبي : هذا كما قال النابغة يوم ملك النعمان بن الحارث (١) :
هذا غلام حسن وجهه |
|
مستقبل الخير سريع التّمام |
للحارث الأكبر ، والحارث الأصغر |
|
والحارث الأعرج خير الأنام (٢) |
ثم لهند ، ولهند وقد |
|
أسرع في الخيرات منه إمام |
ستّة أملاك هم ما هم (٣) |
|
هم خير من يشرب صوب الغمام |
فانبسط عبد الملك بعد ذلك إليه.
أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الوحش سبيع بن المسلّم ، عن أبي الحسن رشأ بن نظيف ، نا محمّد بن جعفر التميمي ، أنا أبو بكر الخياط ، نا المبرّد ، عن العتبي ، عن أبيه قال : قال الشعبي :
دخلت على عبد الملك بن مروان ففاتحني ضروبا من العلم ، فأخذت منها بحظ فقال لي : «تسمع بالمعيدي خير من أن تراه» (٤) ، ثم قال لي : روي (٥) يا شعبي دالية لبني تميم ، فأنشدته سبعين دالية لبني تميم حتى انتهيت إلى قصيدة الأسود بن يعفر التي يقول فيها (٦) :
نزلوا بأنقرة يسيل عليهم |
|
ماء الفرات يجيء من أطواد (٧) |
فقال لي : يا شعبي إنّك لكنف علم.
__________________
(١) الأبيات للنابغة الذبياني ، وهي في ديوانه ط بيروت ص ١١٧.
(٢) رواية الديوان :
للحارث الأكبر والحارث |
|
الأصغر والأعرج خير الأنام |
(٣) صدره بالديوان :
خمسة آبائهم ما هم؟
(٤) بالأصل وم : «يراه» والمثبت عن جمهرة الأمثال للعسكري ١ / ٢٦٦ وانظر المثل ، وهو مثل مشهور للنعمان بن المنذر ، وفي اللسان «معد» ومجمع الأمثال ١ / ٨٦ والمستقصي ١ / ١٤٨ والفاخر ٦٥ وفصل المقال ١٢١.
(٥) كذا بالأصل وم.
(٦) البيت من قصيدة مفضلية ، الرقم ٤٤ (رقم البيت ١٣).
(٧) بالأصل وم «نزلوا بالقوة ...» والمثبت عن المفضليات ، وبالأصل بالواو ، والمثبت عن م والمفضلية.