الطّلحات وهو طلحة بن عبد الله :
يا طلح أكرم من مسا |
|
حسبا وأعطاه لتالد |
فقال له طلحة : حاجتك؟ قال : برذونك الورد وغلامك الحبار ، وقصرك بردنح (١) ـ وقال بعضهم ببخارا ـ فقال له طلحة : سألتني على قدرك ، ولم تسألني على قدري ، بل سألتني على قدر باهلة ، ولو سألتني كلّ قصر هو لي أملكه في الأرض ، وكلّ عبد ودابّة لأعطينّك ، ثم أمر له بما سأل ، ولم يردّه شيئا عليه.
أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم العلوي ، وهبة الله بن محمّد بن عبد الواحد ، عن أبي عبد الله محمّد بن سلامة القضاعي ، أنا محمّد بن أحمد بن علي البغدادي ، أنا أبو بكر محمّد بن الحسن بن دريد ، نا السّكن بن سعيد ، عن محمّد بن عبدان ، قال :
ذكروا أن وفدا من أهل المدينة خرجوا إلى خراسان إلى طلحة الطّلحات ، فلما صاروا في بعض البوادي رفعت لهم خيمة خفية ، وقد جنّهم الليل ، وإذا هم بعجوز ليس عندها من يحملها ، ولا يرحّل عنها ، وإلى جنب كسر خيمتها عنيزة ، فقالوا لها : هل من منزل فننزل؟ فقالت : إي ها الله على الرحب والسّعة والماء السّائغ ، فنزلوا ، فإذا ليس بقربها ولد ، ولا أخ ، ولا بعل ، فقالت : ليقم أحدكم إلى هذه العنيزة فليذبحها ، فقالوا : إذا تهلكي والله أيتها العجوز ، إنّ عندنا من الطعام لبلاغا ، ولا حاجة بنا إلى عنيزتك ، فقالت : أنتم أضياف وأنا المنزلة بها ، ولو لا أنّي امرأة لذبحتها ، فقام أحدهم معجبا منها ، فذبح العنز ، واتّخذت لهم طعاما ، فقربته إليهم ، فلما أصبحوا غدّتهم ببقيتها ، ثم قالت : أين تريدون؟ قالوا : طلحة الطّلحات بخراسان ، فقالت : إذا والله تأتون سيّدا ماجدا صميما غير وحش ، ولا كدوم (٢) هل أنتم مبلغوه كتابا إن دفعته إليكم؟ فضحكوا وقالوا : نفعل وكرامة ، فدفعت إليهم كتابا على قطعة جراب عندها ، فلما قدموا على طلحة جعل يسألهم عما خلّفوا ، وما رأوا في طريقهم ، فذكروا العجوز وقالوا : نخبر الأمير عن عجب رأيناه ، وأخبروه بقصة العجوز وصنعها وقولها فيه ، ثم قالوا : ولها عندنا كتاب إليك ، ودفعوه إليه ، فلما قرأ الكتاب ضحك ، وقال : لحاها الله من عجوز ما أحمقها تكتب إليّ من أقصى الحجاز تسألني جبن خراسان ، فلم يدع للوفد حاجة إلّا
__________________
(١) كذا رسمها بالأصل.
(٢) الكدوم : العضوض (اللسان).