قضاها ، فلما أرادوا الخروج قال : هل أنتم مبلغوها الجبن الذي سألت ، قالوا (١) : نعم ، وقد كان أمر بجبنتين عظيمتين فأمر بنقبهما ، وملأهما دنانير وسوّى عليهما ، وقال : بلغوها الجبنتين فلما قدموا عليها نزلوا ، قالوا لها : ويحك كتبت إلى مثل طلحة الطّلحات تستطعميه جبن خراسان ، قالت : أو قد بعث إليّ بشيء؟ قالوا : نعم ، أخرجوا الجبنتين فكسرتهما فتناثرت الدنانير ، ثم قالت : أمثلي يسأل طلحة جبنا ثم قالت : اقرأ عليكم كتابي إليه؟ قالوا : نعم ، فإذا في كتابها :
يا أيها المائح دلوي دونكا |
|
إنّي رأيت النّاس يحمدونكا |
ويثنون خيرا ويمجدونكا |
ثم قالت : أفأقرأ عليكم جوابه؟ قالوا : نعم ، فإذا جوابه :
أنا ملأتها تفيض فيضا |
|
فلن تخافي ما حييت غيضا |
خذي لك الجبن وعودي أيضا |
أخبرنا أبو العزّ بن كادش ـ فيما قرأ عليّ إسناده وناولني إياه وقال اروه عنّي ـ أنا أبو علي الحداد الجازري ، أنا أبو الفرج المعافى بن زكريا (٢) ، نا محمّد بن الحسن بن دريد.
ح وأخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الواحد بن أحمد بن العبّاس الدّينوري ، أن الأمير أبو محمّد الحسن بن عيسى بن المقتدر ـ قراءة عليه ـ في سنة سبع وثلاثين وأربعمائة ، قال : قال ابن (٣) دريد : أنا أبو حاتم ، أخبرني أبو عبيدة ، قال : قدم المغيرة بن حبناء أحد بني مالك بن حنظلة على طلحة الطّلحات يطلب صلته فأخرج له حجري ياقوت في درجين ، فقال : أيما أحب إليك ، عشرة آلاف أو الحجران؟ فقال : ما كنت لأختار الحجارة على الدّراهم ، فأمر له بعشرة آلاف ثم قال : أيها الأمير إنّ نفسي تنازعني إلى أحد الحجرين ، فدفعه إليه ، فأنشأ يقول :
أرى (٤) الناس غاضوا ثم فاضوا ولا أرى |
|
بنو (٥) مطر إلّا رواء الموارد |
__________________
(١) بالأصل : قال.
(٢) الخبر في الجليس الصالح الكافي ٣ / ٣٢٣ وانظر الأغاني ١٣ / ٨٥.
(٣) بالأصل : «أبو دريد».
(٤) في الأغاني : أرى الناس قد ملّوا الفعال ولا أرى.
(٥) كذا : «بنو مطر» والصواب «بني» وفي الأغاني الجليس الصالح : بني خلف وسينبه المصنف في آخر الخبر إلى أن الصواب : بني خلف.