بحير بن ريسان الذي ساد حميرا |
|
بأفعاله والديرات تدور |
وإنّي لأرجو من بحير وليدة |
|
وذاك على المرء الكريم يسير |
فقال : يا أبا الأسود سألتنا على قدرك ، ولو سألتنا على قدرنا ما رضينا بها لك ، قال : أما لا فاجعلها روقة أي تعجب مالكها.
أخبرنا أبو العزّ أحمد بن عبيد الله بن كادش ، أنا أبو يعلي محمّد بن الحسين بن الفراء ، أنبأ إسماعيل بن سعيد بن إسماعيل ، أنا الحسين بن القاسم بن جعفر الكوكبي ، حدّثني أبو عبد الله محمّد بن القاسم بن خلّاد ، أنبأ العتبي ، عن أبي جعدبة ، قال : كان أبو الأسود الدؤلي من أبرّ الناس عند معاوية وأقربهم منه مجلسا ، فبينا هو ذات يوم عنده ، وعنده الأشراف ووجوه الناس إذ أقبلت امرأة أبي الأسود حتى حادت بمعاوية ، فقالت (١) : سلام عليك يا أمير المؤمنين ، إن الله قد جعلك خليفة في البلاد ، ورقيبا على العباد ، فأكفّ بك الأهواء وأنس بك الخائف ، ووزع بك الخائف ، فاسألك النعمة في غير تغيير ، والعافية في غير تعذير ، فقد ألجأني إليك يا أمير المؤمنين أمر ضاق عليّ فيه المنهج ، وتفاقم عليّ فيه المخرج ، كرهت بوائقه ، وأثقلتني عواتقه ، وقدحتني علائقه فلينصفني أمير المؤمنين من خصمي ، فإني أعوذ بعقوبة من العار الوبيل ، والشين الجليل الذي يبهر ذوات العقول ، قال لها معاوية : من بعلك هذا الذي تصفين منه؟ قالت : هو أبو الأسود ، فالتفت إليه فقال : يا أبا الأسود ما تقول هذه المرأة؟ فقال : يا أمير المؤمنين إنّها لتقول من الحقّ بعضا ، أما ما تذكر من طلاقها فهو حقّ ، وأنا مخبر أمير المؤمنين عنه بصدق ، والله يا أمير المؤمنين ما طلّقتها عن ريبة ظهرت ولا في هفوة حضرت ، ولكني كرهت شمائلها فقطعت عني حبائلها ، فقال معاوية : وأي شمائلها كرهت؟ فقال : يا أمير المؤمنين إنّك مهيجها عليّ بجواب عتيد ولسان شديد ، فقال : لا بدّ لك من مجاورتها ، فاردد عليها قولها عند مراجعتها ، فقال : يا أمير المؤمنين إنّها لكثيرة الصخب ، دائمة الدرب ، مهينة الأهل ، مؤدبة البعل مسنية إلى الحاز إن رأت خيرا كتمته ، وإن رأت شرّا أذاعته ، فقالت (٢) : والله لو لا أمير المؤمنين وحضور من حضره من المسلمين ، لرددت عليك بوادر كلامك ، بنواقد أفرغ بها كل سهامك ، وإن كان لا يحمل
__________________
(١) بالأصل : فقال.
(٢) بالأصل : فقال ، خطأ.