فصل
[اختصاص قواعد التعارض بغير موارد الجمع العرفيّ]
قد عرفت سابقا (١) أنّه لا تعارض في موارد الجمع والتوفيق العرفيّ ، ولا يعمّها ما يقتضيه الأصل في المتعارضين من سقوط أحدهما رأسا ، وسقوط كلّ منهما في خصوص مضمونه كما إذا لم يكونا في البين ؛ فهل التخيير أو الترجيح يختصّ أيضا بغير مواردها (٢) أو يعمّها؟ قولان.
أوّلهما المشهور (٣). وقصارى ما يقال في وجهه : أنّ الظاهر من الأخبار العلاجيّة ـ سؤالا وجوابا ـ هو التخيير أو الترجيح في موارد التحيّر ممّا لا يكاد يستفاد المراد هناك عرفا ، لا فيما يستفاد ولو بالتوفيق ، فإنّه من أنحاء طرق الاستفادة عند أبناء المحاورة.
ويشكل : بأنّ مساعدة العرف على الجمع والتوفيق وارتكازه في أذهانهم على وجه وثيق لا يوجب اختصاص السؤالات بغير موارد الجمع ، لصحّة السؤال
__________________
(١) في الفصل الأوّل من هذا المقصد ، حيث قال : «وعليه فلا تعارض بينهما بمجرّد تنافي مدلولها ...». راجع الصفحة : ٢٩٤ من هذا الجزء.
(٢) هكذا في النسخ. والصحيح أن يقول : «موارده» ، فإنّ الضمير يرجع إلى الجمع. أو يقول : «بغيرها» كي يرجع الضمير إلى موارد الجمع العرفيّ.
(٣) بل ادّعى الشيخ الأعظم الأنصاريّ كونه ممّا لا خلاف فيه. فرائد الاصول ٤ : ٨٢.