نعم ، دلالته في المورد الأوّل على الاستصحاب مبنيّ على أن يكون المراد من اليقين في قوله عليهالسلام : «لأنّك كنت على يقين من طهارتك» اليقين بالطهارة قبل ظنّ الإصابة ، كما هو الظاهر ، فإنّه لو كان المراد منه اليقين الحاصل بالنظر والفحص بعده ـ الزائل بالرؤية بعد الصلاة ـ كان مفاده قاعدة اليقين ، كما لا يخفى.
[إشكال ودفع]
ثمّ إنّه اشكل على الرواية (١) بأنّ الإعادة بعد انكشاف وقوع الصلاة في النجاسة ليست نقضا لليقين بالطهارة بالشكّ فيها ، بل باليقين بارتفاعها ، فكيف يصحّ أن يعلّل عدم الإعادة بأنّها (٢) نقض اليقين بالشكّ؟ نعم ، إنّما يصحّ أن يعلّل به جواز الدخول في الصلاة ، كما لا يخفى (٣).
__________________
ـ والإمام عليهالسلام أشار بقوله : «لأنّك كنت على يقين من طهارتك» إلى أنّه في مقام التعليل بكبرى ارتكازيّة هي عدم نقض اليقين بالشيء بالشكّ فيه ، وهذا التعليل يقتضي اعتبار الاستصحاب مطلقا ، لا في خصوص موردها.
(١) لا يخفى : أنّ الإشكال مختصّ بالاستدلال بالفقرة الاولى من الرواية ؛ وأمّا الفقرة الثانية ـ الّتي تأتي في آخر الرواية ـ فلم يورد عليه الإشكال ؛ فكان الأولى أن يقول : «ثمّ إنّه اشكل على المورد الأوّل من الرواية ...».
ولا يخفى أيضا : أنّ الشيخ الأعظم الأنصاريّ قد حكى هذا الإشكال عن السيّد الصدر شارح الوافية. راجع فرائد الاصول ٣ : ٦٠.
(٢) أي : الإعادة.
(٣) توضيح الإشكال : أنّ الإمام عليهالسلام قال : «تغسله ولا تعيد الصلاة» ، ثمّ علّل عدم وجوب إعادة الصلاة بقوله : «لأنّك كنت على يقين من طهارتك ، ثمّ شككت ، فليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشكّ أبدا» ، فالإمام عليهالسلام علّل عدم وجوب الإعادة بلزوم الحذر عن نقض اليقين بالشكّ ، كأنّه قال : «إنّ الإعادة نقض لليقين بالشكّ ، وليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشكّ». مع أنّ الإعادة في مورد الرواية ليست نقضا لليقين بالشكّ ، بل هي نقض لليقين باليقين ، كيف! وقد فرض أنّ السائل علم بعد إتمام الصلاة بوقوع صلاته المأتي بها في النجس ، وإن كان غافلا عن النجاسة حال إتيان الصلاة؟ فلا يصحّ أن يعلّل عدم وجوب الإعادة بأنّ الإعادة نقض لليقين بالشكّ.