الرجل إذا سار في الهاجرة ، قال ابن أبي ربيعة (١) :
أمن آل نعم أنت غاد فمبكر |
|
غداة غد ، أم رائح فمهجّر؟ |
أخبرنا أبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قالا : أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلّص ، نا أحمد بن سليمان ، نا الزّبير ، حدّثني عمي مصعب بن عبد الله ، عن الضّحّاك بن عثمان ، عن عبد الرّحمن بن أبي الزّناد ، عن موسى بن عقبة ، عن سالم بن عبد الله قال : قال موسى : لا أراه حدثه إلّا عن عبد الله بن عمر : أن زيد بن عمرو خرج إلى الشام يسأل عن الدين ويبتغيه ، فلقي عالما من اليهود فسأله عن دينهم ، وقال : لعلي أدين دينكم ، فأخبرني عن دينكم ، فقال اليهودي : إنك لن تكون على ديننا حتى تأخذ بنصيبك من غضب الله ، فقال زيد بن عمرو : ما أفر إلّا من غضب الله ، ولا أحمل من غضب الله ، ولا أحمل من غضب (٢) الله شيئا أبدا ، وأنا أستطيع ، فهل تدلني على دين ليس فيه هذا؟ قال : ما أعلمه إلّا أن يكون حنيفا ، قال : وما الحنيف؟ قال : دين إبراهيم لم يكن يهوديا ولا نصرانيا ، وكان لا يعبد إلّا الله ، فخرج من عنده ، فلقي عالما من النصارى ، فسأله عن دينهم ، فقال : لعلي أن أدين دينكم ، فقال : إنك لن تكون على ديننا حتى تأخذ بنصيبك من لعنة الله ، ولا (٣) من غضبه شيئا أبدا ، وأنا أستطيع؟ فهل تدلني على دين ليس هذا فيه؟ فقال له نحو ما قال له اليهودي : لا أعلمه إلّا أن يكون حنيفا ، فخرج من عندهم ، وقد رضي بما أخبروه ، واتفقوا عليه من دين إبراهيم ، فلما توفي رفع يديه فقال : اللهم إنّي على دين إبراهيم.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا الحسن بن علي ، أنا محمّد بن العباس ، أنا أحمد بن معروف بن بشر ، نا الحسين بن محمّد ، نا محمّد بن سعد (٤) ، أنا محمّد بن عمر قال : حدّثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة ، عن موسى بن ميسرة ، عن ابن أبي مليكة ، عن حجير بن أبي إهاب ، قال :
رأيت زيد بن عمرو وأنا عند صنم بوانة (٥) بعد ما رجع من الشام ، وهو يراقب
__________________
(١) ديوان عمر بن أبي ربيعة ط بيروت ص ١٢٨ مطلع قصيدة طويلة.
(٢) كذا مكررة بالأصل وذكرت مرة واحدة في م.
(٣) كذا بالأصل ، ويبدو أن العبارة مضطربة والمعنى مضطرب ، فثمة سقط في الكلام بالأصل وم.
(٤) الخبر في طبقات ابن سعد ٣ / ٣٨٠ في ترجمة سعيد بن زيد.
(٥) بوانة بالضم وتخفيف الواو ، هضبة وراء ينبع قريبة من ساحل البحر (ياقوت).