عطيته. قال : ثم عدت إلى صاحبي فأخبرته ، فقال : ارحل ، فلا شيء لك عنده بعد مقدمه ، فرجعت إلى بلادي.
أخبرنا أبو بكر محمد بن شجاع ، أنا أبو عمرو عبد الوهاب بن محمد العبدي ، أنا أبو محمد الحسن بن محمد بن أحمد المديني ، أنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن أحمد العبدي ، نا أبو بكر عبد الله بن محمد القرشي ، قال : حدثني أحمد بن المقدام العجلي ، نا عمر بن علي ، نا زكريا مولى الشعبي : أن النابغة الذبياني قال للنعمان بن المنذر :
تزال الأرض إمّا متّ حقا |
|
وتحيي ما حييت بها ثقيلا (١) |
فقال النعمان : هذا بيت إن أنت لم تتبعه ما يوضح معناه ، فهو إلى الهجاء أقرب منه إلى المدح. فأراد ذلك النابغة. فعسر عليه ، فقال : أجّلني ، فقال : قد أجّلتك ثلاثا. فإن أنت أتبعته ما يوضح معناه فلك مائة من العصافير (٢) نجائب وإلّا فضربة بالسيف أخذت منك ما أخذت ، فأتى النابغة زهير بن أبي سلمى فأخبره فقال زهير : اخرج بنا إلى البرية فإن الشعر برّي ، فخرجا وتبعهما ابن زهير يقال له كعب ، فقال : يا عمّ اردفني ، فصاح أبوه ، فقال دع ابن أخي يكون معنا ، فأردفته فتحاولا البيت مليا ، فلم يأتهما ما يريدان ، فقال كعب : يا عمّ ما يمنعك أن تقول :
وذلك بأن حللت العزّ منها |
|
فتعمد جانبيها أن تميلا (٣) |
قال النابغة :
جاء بها ورب البيت ، لسنا والله في شيء ، قد جعلت لك ابن أخي ما جعل لي. قال : وما جعل لك يا عمّ؟ قال : مائة من العصافير نجائب ، قال : ما كنت لآخذ على شعري صفدا. فأتى بها النابغة النعمان فأخذ منه مائة ناقة سوداء الحدقة.
__________________
(١) روايته في ديوانه صنعة ابن السكيت ط دار الفكر بيروت ص ٢٤٢ :
تخف الأرض إما بنت عنها |
|
ويبقى ما حييت بها ثقيلا |
وروايته في ديوانه ط صادر بيروت ص ٩٨ :
تخف الأرض إن تفقدك يوما |
|
وتبقى ما بقيت بها ثقيلا |
(٢) العصافير : إبل نجائب كانت للملوك.
(٣) انظر روايتين للبيت في ديواني النابغة الذبياني ، صنعة ابن السكيت ط دار الفكر بيروت ، وط دار صادر بيروت.