الكريمة ، والتي كان يسعى من خلالها لتضليل الناس وبلوغ أعلى مكان في نظره وهي أسباب السموات.
(أَسْبابَ السَّماواتِ فَأَطَّلِعَ إِلى إِلهِ مُوسى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كاذِباً)
وهذا ديدن الطغاة. إنّهم يستصدرون الأحكام في مختلف القضايا بعيدا عن المنهجية السليمة حيث يعلم فرعون بأنّ الإله الحق الذي يدعو إليه موسى (ع) لا يدرك بالمقاييس المادية ، ولكنّه أخذ يستخدم منهجا ماديّا بحتا للتعرّف على الله ـ سبحانه وتعالى ـ والنتيجة التي سيصل إليها حتى إذا قدّر أنّه بلغ السموات العلى خاطئة ، وعلى ضوء هذا المنهج سيكون موسى كاذبا.
ومن المعروف أنّ فرعون كان يسخّر المستضعفين لبناء الصرح سخرة وبلا أجور ، وكان الكثير من هؤلاء التعساء الذين كان يحشرهم من مختلف أنحاء مصر يموتون تحت ضغط الكدح ، وسوء التغذية ، وانتشار الأمراض ، وكان قد خصّص الى جنب أهرامات مصر أراضي واسعة لاستقبال جثث هؤلاء المساكين مما أثار هذا العمل بذاته غضب الجماهير ، وهيّأ أرضية التحوّل عند شعب مصر.
(وَكَذلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ)
بسبب تراكم العادات والممارسات السيئة على قلبه المتكبّر الجبّار ، فكان يرى الباطل حقّا والعكس ، الى هذا المستوى الهابط من الإعتقاد ، حيث زعم أنّه يتحدّى بقوّته المحدودة إرادة الله. ألم ير الجبال كيف أرساها الربّ ، وأنّه إذا صعد عليها رجل لا يرى السماء إلّا بمثل ما يراها على الأرض؟! أو لم يعلم أنّ عاصفة واحدة تكفي لاقتلاع مظاهر قوّته في لحظة؟! وقد جاء في الحديث : أنّ هامان رفع الصرح حتى منعته العواصف من الاستمرار ، ولم يلبث أن جاءت عاصفة رهيبة