بعد ما يقنط الإنسان ، كلّ ذلك لا يصير عبثا ، إنّما بحكمة إلهية دقيقة ، فإذا قلّ الصدق بين الناس وتضاءل تعاطفهم على بعضهم ، وإذا ساد الظلم والضلالة ، وإذا كثرت الذنوب والفواحش ، بعدت رحمة الله المتمثّلة في الغيث ، كما أنّ لنجاة أصحاب السفينة التي تمخر عباب البحر أو غرقهم علاقة بركّابها ، فإذا كانوا أهل صلاح وسعي ، ساقتهم الريح الطيبة الى سبل السلام ، أمّا إذا كانوا ظالمي أنفسهم وقد انتهى أجلهم ابتلعتهم العواصف الهوج.
هكذا يبيّن ربّنا العلاقة بين واقع الإنسان وعمله فيقول :
(وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ)
أيّا كان نوع هذه المصيبة وطبيعتها.
(وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ)
ولو لم يكن الله رحيما بعباده لانتهت بهم أعمالهم الى الهلاك ، لأنّهم يكسبون كلّ يوم ما يستوجب غضبه سبحانه.
جاء في الحديث عن الإمام الصادق (ع) :
«ليس من عرق يضرب ، ولا نكبة ، ولا صداع ، ولا مرض ، إلّا بذنب» (١)
وجاء في حديث آخر عنه (ع) :
«إنّ الذنب يحرم العبد الرزق» (٢)
__________________
(١) نور الثقلين / ج (٤) ص (٥٨١) .
(٢) المصدر / ص (٥٨٣) .